
أردني – نظم المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في مادبا، اليوم الإثنين، ندوة حوارية بمناسبة مرور 60 عاما على صدور وثيقة الحوار الديني “في عصرنا” الصادرة عن المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1965.
وتحدث في الندوة إمام الحضرة الهاشمية فضيلة الدكتور أحمد الخلايلة، وبطريرك القدس للاتين نيافة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، وعضو دائرة الحوار بين الأديان في الفاتيكان، بحضور محافظ مادبا حسن الجبور، وعدد من الأساقفة والكهنة والراهبات، وعلماء دين إسلامي من دائرة قاضي القضاة ودائرة الإفتاء العام ووزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.
وأكد الخلايلة أن العلاقة بين الله والإنسان تقوم على الارتباط العميق بالله تعالى والإيمان به ومحبته لأنه الخالق العظيم الذي لا غنى للعبد عنه، مشيرا إلى أن من أراد أن يعرف الله العظيم بصفاته الجليلة، لا بد أن يعرف الإنسان بصفات ضعفه واحتياجه إلى ربه.
وأشار إلى أن الوئام والتراحم والتعايش لا يشترط فيها الإيمان بكل ما يؤمن به الآخر بل تحصل بالإيمان بحق الآخر في أن يفكر ويبحث وينظر ليعتقد ما وصل إليه بالحجة والدليل والبرهان بحرية وتسامح وإحسان، فالله تعالى خلق البشر مختلفين امتحاناً لهم لينظر إلى سلوكهم الإنساني واجتهادهم الفكري في الوصول إلى الحق وحفظ حرمة الخلق
وتكلم فضيلته عن المبادرات الأردنية الرائدة في مجال الحوار بين الأديان، مثل “رسالة عمان” و”مبادرة كلمة سواء” و”أسبوع الوئام بين الأديان”، إلى جانب ما قدمه الأردن من نموذج للعيش المشترك واستقبال المهجرين من الموصل، مؤكدا أن هذه المبادرات تجسد رسالة الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، في تعزيز السلام والاحترام بين بني البشر، والدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة، وفي مقدمتها القدس والمقدسات.
من جانبه، أكد الكاردينال بيتسابالا الأهمية التاريخية لصدور الوثيقة الفاتيكانية “في عصرنا” في فتح صفحة جديدة من العلاقات بين المسلمين والمسيحيين على أساس الاحترام المتبادل والإيمان بالله الواحد.
وأشار إلى أن معرفة المجتمعات بهذه الوثيقة ما تزال محدودة خارج الأوساط الأكاديمية والدينية، إلا أن روحها ومضامينها تتجلى عمليا في مبادرات الحوار والعيش المشترك التي برزت في المنطقة، وفي مقدمتها مبادرات المملكة بقيادة جلالة الملك، الذي جعل من الحوار والسلام ركيزة لرسالة الأردن الإقليمية والدولية.
وتوقف الكاردينال عند ما وصفه بـ”النماذج المضيئة” التي تجسد رسالة الوثيقة، وتؤكد أن الحوار ليس ترفا فكريا، بل ضرورة لحياة الشعوب واستقرارها، مشيرا إلى المبادرات الأردنية الحوارية العالمية، ومنها “رسالة عمان” و”مبادرة كلمة سواء” و”أسبوع الوئام بين الأديان”، إضافة إلى الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس.
وأكد أن السلام في الشرق الأوسط يبدأ من الحوار الحقيقي بين أتباع الديانات، مشددا على أن المجتمعات المسيحية تشكل جزءا أصيلا من هذه الأرض، كما أن العلاقة “المسيحية– الإسلامية” أساسية لاندماج المنطقة في العالم الأوسع ولمواجهة التحديات العالمية التي تطال الجميع.
من جهته، أكد مدير المركز الكاثوليكي، الأب الدكتور رفعت بدر، أن الأردن كان وما يزال رائدا في إطلاق مبادرات الحوار والتعاون بين المسلمين والمسيحيين منذ ثمانينيات القرن الماضي، ومثالا حيا في العيش المشترك واحترام التنوع الديني.
وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الذكرى السنوية في تنشئة أجيال جديدة تسير على نهج جلالة الملك في تعزيز ثقافة الحوار والسلام، وأن تأخذ الحوار على محمل الجد، مركزة على الحوار الحياتي قبل الفكري، لتواصل تصدير قصص النجاح والشهادة في الأردن على درب السلام والسلم المجتمعي، وتعزيز القيم المشتركة بين الديانتين الإسلامية والمسيحية.
بدوره، أشار رئيس الجامعة الأميركية في مادبا، الدكتور مأمون عكروش، إلى أن احتضان الجامعة لهذا اللقاء يجسد التزامها الراسخ بالحوار والانفتاح وبناء الجسور بين الثقافات والأديان.
وقال، إن الكنيسة، عبر التاريخ وحتى اليوم، كانت وما تزال صوتا روحيا وإنسانيا، وواحة سلام تحتضن جميع الشعوب بروح الاحترام والانفتاح والقبول، وتنظر إلى الأديان وأتباعها بعين التقدير، والمشاركة في القيم الأخلاقية والروحية التي توحد البشرية.