"\n"
منوعات

إنجاز غير مسبوق.. علاج للسرطان ينشط داخل الأورام فقط ويحمي الخلايا السليمة

أردني – في إنجاز علمي غير مسبوق، أعلن فريق من الباحثين في جامعة كامبريدج البريطانية عن تطوير دواء جديد لعلاج السرطان لا ينشط إلا داخل الأورام الخبيثة، في حين يبقى خاملاً في باقي أنحاء الجسم، الأمر الذي قد يقلل من الآثار الجانبية الخطيرة التي ترافق العلاجات التقليدية.

وأوضح العلماء أن الدواء الجديد يعتمد على آلية مبتكرة ذات مرحلتين، حيث يظل غير فعّال حتى يلتقي بإنزيم يُعرف باسم بيتا-غلوكورونيداز، وهو إنزيم تنتجه الخلايا السرطانية بكميات مرتفعة، وما إن يتعرّف الدواء على هذا الإنزيم، حتى يبدأ في تنشيط الجزء الثاني من تركيبته، مطلقاً سلسلة من الاستجابات داخل الجهاز المناعي تستهدف الورم بدقة عالية، وفقا لـ sustainability-times.

ويهدف هذا النهج إلى استغلال مسار بيولوجي في جهاز المناعة يُعرف بـ CGAS-STING، وهو مسار يشكل خط الدفاع الأول ضد الفيروسات والبكتيريا. تنشيط هذا المسار في وجود الخلايا السرطانية يعزز قدرة الجسم على مهاجمتها والقضاء عليها. لكن المشكلة في العلاجات التقليدية أن هذا المسار غالباً ما يُفعّل في كل أنحاء الجسم، ما يؤدي إلى التهابات وأضرار تصيب الأنسجة السليمة، أما الابتكار الجديد، فيعتمد على تنشيط هذا المسار داخل الورم فقط، وهو ما يُتوقع أن يقلل كثيراً من المضاعفات.

وبحسب الدراسة التي نُشرت في دورية Nature Chemistry، فإن التجارب المخبرية على أسماك الزرد وفئران معدلة وراثياً أظهرت نتائج واعدة، حيث تمكّن الدواء من تنشيط المسار المناعي المطلوب في أنسجة سرطانية بجرعات منخفضة جداً، بينما ظل تأثيره محدوداً في الأنسجة غير المصابة. ويرى الباحثون أن هذا المستوى من الدقة في الاستهداف يمثل خطوة متقدمة نحو جيل جديد من العلاجات المناعية للسرطان.

ويفتح هذا التطور آفاقاً واسعة أمام مجال الطب الدقيق، إذ يمكن أن يشكل نموذجاً لتصميم أدوية أخرى لا تُفعَّل إلا بوجود مؤشرات مرضية محددة، ما يسمح بإيصال علاجات قوية إلى الجسم دون التسبب في أضرار جانبية كبيرة. كما أن نجاح استهداف مسار CGAS-STING قد يمهّد لتطوير استراتيجيات مشابهة لمكافحة أمراض أخرى يمكن أن تستفيد من تنشيط مناعي موجّه.

ورغم التقدم الملحوظ، يؤكد العلماء أن الطريق ما زال طويلاً قبل وصول الدواء إلى التجارب السريرية على البشر. فالتحدي الأكبر يتمثل في ضمان دقة التنشيط بشكل ثابت بحيث يستهدف الخلايا السرطانية فقط، إضافة إلى ضرورة دراسة كيفية تطبيق التقنية على أنواع مختلفة من الأورام ودمجها مع العلاجات المعتمدة حالياً. كما يتطلب الأمر تجاوز مراحل مطولة من الاختبارات لضمان السلامة والفعالية قبل طرح العلاج في الأسواق.

ويُجمع خبراء الطب الحيوي على أن تطوير دواء قادر على تنبيه جهاز المناعة فقط عند وجود خلايا سرطانية يمثل قفزة نوعية في مجال علاج الأورام. وإذا ما نجحت هذه التقنية في اجتياز التجارب السريرية، فقد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاجات الشخصية والآمنة، لتشكّل أملاً جديداً لملايين المرضى حول العالم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى