"\n"
إقتصاد وإستثماررئيسي

اقتصاديون يشيدون بفلسفة عمل “صندوق استثمار الضمان”

أردني – أكد خبراء بالشأن الاقتصادي أن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يعمل ضمن فلسفة توازن دقيقة بين حماية مدخرات الأردنيين وتعظيم العائد، وبين دعم القطاعات الحيوية للاقتصاد الوطني، من خلال الاستثمار بالمشروعات الوطنية.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن الصندوق استطاع أن ينتقل من إطار الاستثمار التقليدي إلى نهج أكثر جاذبية يقوم على التوسع المدروس في المشروعات الوطنية الكبرى ذات البعد الاستراتيجي طويل المدى، واصفين خطوة الصندوق بـ “الاستراتيجية والمهمة”.

وأشاروا إلى أن التوجه نحو مشروعات البنية التحتية والطاقة والمياه والسياحة والصناعات الوطنية خطوة إيجابية لأنها تربط أموال الضمان مباشرة بمحركات النمو الحقيقي.

وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق للشؤون الاقتصادية الدكتور جواد العناني، إن صندوق استثمار أموال الضمان استثمر قي قطاعات مختلفة، مثل شراء الأسهم أو السندات أو الأذونات أو الودائع لدى البنوك وقطاع الإسكان والسياحة والعقار عموما.

وبين أن الضمان استثمر كثيرا في الشركات والأسهم والبنوك وكلها الآن أسهمها بارتفاع، ما انعكس إيجابا على قيمة الموجودات التي كانت قبل سنتين 11 مليار دينار لتصل حاليا إلى 18.2 مليار دينار.

وأشار إلى أن الصندوق بدأ يستثمر بمشاريع البنى التحتية في الأردن والتي سيديرها القطاع الخاص، منها مشروع مدينة عمرة، حيث اشترى 12 بالمئة من مجموع 500 ألف دونم المخصصة لهذه المدينة.

ولفت إلى استثمار الصندوق في مشروع الناقل الوطني للمياه وهو مشروع كبير جدا، سيستثمر الصندوق به بقيمة تقدر بحوالي 6 مليارات دينار.

وحول توجه الصندوق للاستثمار في المشاريع الوطنية الكبرى، قال العناني إنه إذا كانت هذه المشروعات مهمة وذات أولوية وتحقق نقلة نوعية للضمان، فإنها خطوة ايجابية واستراتيجية، لأن الضمان عليه مسؤوليات والرواتب التقاعدية التي يدفعها أصبحت كبيرة وتزداد كل سنة؛ لذلك يجب أن يوازن ويخضع لما يسمى الدراسات الاكتوارية.

من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء الوطنية، وزير الاتصالات الأسبق عمر الكردي، إلى أن الصندوق أنشئ عام 2001 وباشر عمله في 2003 لغايات استثمار أموال الضمان الاجتماعي المتأتية من اقتطاعات العاملين الأردنيين، مبينا أنه يهدف إلى تنمية أموال الضمان الاجتماعي والمساهمة في تنمية البلد وتطويرها.

وقال “الاستثمار الرئيسي للصندوق كان في العقار والمساهمة في بعض الشركات الواعدة والآمنة حفاظا على سلامة مدخرات الأردنيين، لكن حتى تتحسن إيرادات الصندوق وتوفر المزيد من الأموال لغايات استثمارية، ارتأى الصندوق توزيع استثماراته بقطاعات عدة منها الزراعة، الصناعة، السياحة، والطاقة وغيرها”.

وأشار إلى أن شركة المملكة القابضة التي يساهم بها الصندوق تقوم بالاستثمار في مشاريع عديدة للطاقة في الأردن، حيث تساهم في شركتين لتوزيع الكهرباء وهما شركة توزيع الكهرباء الأردنية وشركة كهرباء اربد، كما تساهم “المملكة القابضة” في محطة الزرقاء للتوليد، التي تعمل بالغاز وتغذي الشبكة بشكل مستمر وكفؤ، وتساهم بعدة شركات تولد الطاقة الكهربائية من الشمس، مثل شركة الزنبقة، وشركة الورد الجوري وغيرهما.

وأكد أن هذه الشركة اكتسبت خبرة في الاستثمار بمجالات الطاقة الكهربائية، سواء الاعتيادية منها أو المتجددة، ما يؤهلها للدخول في مشاريع وطنية لتوليد الكهرباء مثل IPP8 لتوليد الكهرباء بالغاز، مشروع إنبوب الغاز من الريشة الى الخناصري، من أجل ديمومة واستقرار النظام الكهربائي وضمان توفر الطاقة مع ازدياد الاستهلاك واتساع رقعة الاستثمار في الأردن.

وقال إن منطقة الريشة بالذات أصبحت مؤهلة لجذب استثمارات في مجال الطاقة، وإقامة منطقة صناعية كبيرة تحتضن الاستثمارات الصناعية التي تحتاج إلى طاقة كبيرة سواء كهربائية أو تستفيد من الغاز المكتشف في تلك المنطقة.

وأضاف “يوجد فرصة كبيرة للصندوق للاستفادة من هذه الفرصة في بدايتها، فمع وجود منطقة صناعية في الريشة، تكون الفرصة سانحة لتطوير الشرق الأردني وتوفير فرص عمل لأهله، وتوسيع الصادرات وتحسين الوضع الاقتصادي الكلي للأردن”، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي أيضا الى اكتساب المدينة الجديدة بعدا استراتيجيا جديدا يحتضن إدارات تلك الاستثمارات ومراكز البحث والتطوير لتحسين الإنتاج.

من جهته، قال الخبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية الدكتور محمد الفرجات، إن مسيرة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة تعكس حالة من “النضج المؤسسي ووضوح الرؤية في إدارة واحدة من أهم الأصول المالية الوطنية”.

وأضاف أن الصندوق استطاع أن ينتقل من إطار الاستثمار التقليدي إلى نهج أكثر جاذبية يقوم على التوسع المدروس في المشروعات الوطنية الكبرى ذات البعد الاستراتيجي طويل المدى، موضحا أنه اليوم لا يستثمر فقط من أجل تحقيق الأرباح، بل يعمل ضمن فلسفة توازن دقيقة بين حماية مدخرات الأردنيين وتعظيم العائد، وبين دعم القطاعات الحيوية للدولة.

وقال إن الذهاب نحو مشروعات البنية التحتية والطاقة والمياه والسياحة والصناعات الوطنية “خطوة إيجابية” لأنها تربط أموال الضمان مباشرة بمحركات النمو الحقيقي بدلا من الدوران في استثمارات مالية تقليدية محدودة التأثير.

وأكد أن قوة الصندوق تكمن في قدرته على تطبيق الحوكمة الرشيدة، وتوزيع المخاطر، والالتزام بالشفافية الحديثة في التقارير والإفصاحات، ما يمنح الثقة للشارع الأردني وللمؤمنين تحت مظلة الضمان بأن أموالهم تدار بعقلية اقتصادية محترفة.

وأشار الفرجات، إلى أن توجه الصندوق نحو المشاريع الوطنية الكبرى “ليس رفاهية، بل ضرورة”، في ظل تحديات البطالة، وضعف الاستثمارات الخارجية، وارتفاع كلفة التمويل، مبينا أنه بهذا الدور أصبح شريكا تنمويا للدولة، وليس مجرد محفظة مالية تبحث عن العائد فقط.

وقال إن المطلوب خلال المرحلة المقبلة هو الاستمرار في الاستثمار بالمشاريع المنتجة، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص، واستهداف قطاعات مستقبلية مثل التحول الرقمي والطاقة المتجددة والمياه، حتى يبقى الصندوق صمام أمان اقتصادي ورافعة حقيقية للاستثمار الوطني.

وقال الدكتور نسيم الطويسي من قسم إدارة الأعمال في جامعة الحسين بن طلال، إن هناك تطورا ملحوظا على مسيرة الصندوق وأدائه من حيث تنوع المحافظ الاستثمارية والحوكمة وإدارة المخاطر.

وأكد أن الصندوق يعمل الآن ضمن إطار استثماري طويل الأجل لتحقيق عوائد مستقرة ومستدامة، مبينا أن هذا يتوافق مع طبيعة أموال الضمان الاجتماعي كونها أموالا عامة مرتبطة بحقوق مستقبلية للمشتركين.

وأضاف أن الصندوق يقوم بالإفصاح المالي لتحقيق الشفافية، مشيرا إلى وجود تحسن في أدوات التقييم والتحليل.

وفيما يتعلق بتوجه الصندوق للاستثمار في المشاريع الكبرى، وصف الطويسي هذه الخطوة بأنها مهمة واستراتيجية ولها جوانب إيجابية في التطوير والتقدم، موكدا أن نجاح المشروعات الكبرى يعتمد على دقة الجدوى الاقتصادية وتنوع القطاعات.

بدوره، قال استاذ الاقتصاد القياسي المشارك بكلية الأعمال في جامعة مؤتة، وجامعة الشرق الأوسط الأميركية في الكويت الدكتور حذيفة القرالة، إن المتتبع لمسيرة وأداء الصندوق خلال السنوات الأخيرة يلاحظ تطورا واضحا في قدرته على إدارة أموال المشتركين.

وأضاف أن ارتفاع موجودات الصندوق يعتبر مؤشرا واضحا على الاحترافية في استثمار هذه الأموال، وبحسب التقرير السنوي الصادر عن المؤسسة، فإن قوة واستقرار المحفظة الاستثمارية تظهر جليا في صافي دخل تجاوز المليار دولار.

وأشار إلى أن استقرار المحفظة الاستثمارية جاء مصاحبا لدور الصندوق المهم في دعم الاقتصاد الوطني والمتمثل بتوسع الصندوق في الاستثمار بالمشروعات الوطنية الكبرى، مثل مستشفى الطفيلة الحكومي ومركز الماضونة الجمركي ومشروع الباص السريع بين عمان والزرقاء.

وقال إن المتأمل في هذا الدور الاستثماري والوطني يرى جليا كيف تمنح مثل هذه الاسثتمارات عوائد طويلة الأمد، وتسهم في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل وتحسين مستوى الخدمات.

وأشار إلى أن طبيعة هذه المشاريع تحمل مستوى من المخاطر مقارنة بالأدوات الاستثمارية التقليدية، نظرا لطول دورة تنفيذها وتأثرها بالظروف الاقتصادية، لذلك فإن التنويع المدروس والحوكمة الصارمة عنصران أساسيان لضمان التوازن بين العائد والمخاطرة، فعندما تدار هذه المخاطر بحكمة، فإنها تتحول إلى فرصة لتعزيز دور الصندوق وتحقيق أثر تنموي مستدام.

وقال الدكتور القرالة، إن الصندوق يواصل حماية مدخرات الأردنيين، ويأخذ دورا رياديا ويسهم بفاعلية في تنمية الاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى