
أردني – يُصادف يوم غد السبت، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث يواصل الأردن منذ نحو ثمانية عقود دعمه وتضامنه بالقول والفعل مع الشعب الفلسطيني من أجل تعزيز صموده على أرضه ونيل حقوقه المشروعة في دولة مستقلة وتحقيق العدالة.
ويأتي هذا اليوم، ليذكر العالم بواجبه الأخلاقي والإنساني والسياسي نحو شعب يعاني من الاحتلال والقمع وفقدان حقوقه ومحاولات تهجيره وإبادته، ويؤكد أن السلام والعدالة لن يتحققا إلا بتوفير الحماية للفلسطينيين، وضمان حقوقهم غير القابلة للتنازل، وأبرزها حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ويقف الأردن على الدوام مع الشَّعب الفلسطيني في جهود يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني بحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وتوفير الدعم اللازم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي مثل هذا اليوم، أكد معنيون في الشأن الفلسطيني، أن هذا اليوم يعد فرصة للفت انتباه المجتمع الدولي إلى حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة ولم تحل حتى يومنا هذا، رغم مرور عشرات السنين وصدور العديد من القرارات الدولية ذات الصلة، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق بتقرير المصير دون أي تدخل خارجي، أسوة ببقية شعوب الأرض، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وحق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أبعدوا عنها.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله توفيق كنعان قال: “خصصت مؤسسات المجتمع الإنساني العالمي، وعلى وجه الخصوص المنظمات الدولية الشرعية والحقوقية والإنسانية، أياماً ومناسبات وأنشطة دورية تتفاعل فيها مع القضايا العالمية المركزية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس، باعتبارها قضية تتجسد فيها عدالة الحقوق والمطالب في وجه استعمار واحتلال إسرائيلي لم تعد تعنيه الشرعية والقوانين والأخلاق، بل يعارضها صراحة ليحول الواقع في فلسطين المحتلة لمأساة يعيشها الشعب الفلسطيني المظلوم في كل يوم ودقيقة، ليكون السؤال المشروع هل ستبقى القوة وسياسة الكيل بمكيالين هي الأيام الدولية المعاصرة؟”.
وبين أن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هو اعتراف دولي بالحق الفلسطيني وعدالة مطالبه واعتراف بمعاناته واستعماره، حيث دعت، لهذا اليوم، الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977م، وحددت الاحتفال به في 29 تشرين الثاني من كل عام، وطالبت عام 2005م من لجنة وشُعبة حقوق الفلسطينيين في الجمعية العامة في إطار الاحتفال بهذا اليوم، تنظيم معرض سنوي عن حقوق الفلسطينيين بالتعاون مع بعثة فلسطين لدى الأمم المتحدة، وتشجيع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية للاحتفال به، ليكون تذكيراً للعالم بأن هناك شعباً سُلبت حقوقه، وانتهكت كرامته الإنسانية، وقد جرت العادة أيضاً على أن تُجري الجمعية العامة للأمم المتحدة مناقشتها السنوية بشأن قضية فلسطين في ذلك اليوم، لذا فإن إحياء هذا اليوم بكافة الفعاليات له تأثيره على الرأي العام العالمي.
وأضاف: “لا شك أن التضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني، وفي ظل استمرار مأساته ونكبته، وبعد العدوان الوحشي الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والذي نتج عنه أكثر من 70 ألف شهيد، والآلاف من الجرحى والأسرى والمفقودين، ومليوني مهجر هم عرضة للإبادة والتجويع والقتل، أصبح مسألة أخلاقية وحق عادل يجدر بالعالم السعي لتحقيقه، وفضح ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من البحر إلى النهر من سياسة ابرتهايد إسرائيلية يومية”.
وأوضح كنعان أن اللجنة الملكية لشؤون القدس، تؤكد أن كل يوم ولحظة هي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، خاصة والعالم يشاهد على شاشات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الإجرام والمجازر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وسط تصريحات الكراهية والشر التي تطلقها حكومة اليمين المتطرفة، كما تدعو اللجنة كل المنظمات والمؤسسات والهيئات المعنية بالدفاع عن الشعب الفلسطيني ودعمه، بأن تكثف من عملها بتنفيذ البرامج الإعلامية والاقتصادية والثقافية والمبادرات في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني دعماً للصمود الفلسطيني، بما في ذلك فعاليات عملية تتجاوز الخطابات والاستنكار.
وأكد أننا في الأردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، على العهد والتاريخ العريق من التضحيات لأجل فلسطين والقدس، سنبقى على الدوام السند والداعم لأهلنا في فلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.
وشدد على أن فلسطين والقدس ستبقيان الملف الذي يتصدر اهتمامات جلالة الملك والحكومة الأردنية في المحافل الدولية كافة، حيث أسهمت الجهود الدبلوماسية الأردنية في التفاعل العالمي مع هذه القضية العادلة بما في ذلك الاعتراف الدولي بفلسطين، إضافة إلى استمرار الجهود الإنسانية والإغاثية الأردنية لأهلنا في غزة والقدس وفلسطين.
من جهته قال مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية، المهندس رفيق خرفان: “إن اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ليس مجرد مناسبة تُستذكر سنوياً، بل هو صوت عالمي يعلو تأييداً لحقوق شعب ما زال يتمسك بالأمل، رغم كل ما يحيط به من معاناة، ويشكل محطة مهمة لتجديد الدعم والإسناد لحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة”.
وأضاف أن دائرة الشؤون الفلسطينية، ولجان الخدمات والهيئات الاستشارية ومؤسسات المجتمع المدني في المخيمات الثلاثة عشر في المملكة، يقفون اليوم مع أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، مؤكدين أن صمودهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وثبات المقدسيين في الدفاع عن مدينتهم ومقدساتها، يشكل نموذجاً نادراً في الإصرار والكرامة.
وأكد خرفان أن هذا اليوم العالمي يذكّر العالم بأن الشعب الفلسطيني ما يزال يناضل من أجل أبسط حقوقه الإنسانية والوطنية، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية، كما جدّد التأكيد على أن قضية اللاجئين ستبقى في صدارة القضايا العادلة، وأن حلها يجب أن يستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وخاصة القرار 194، الذي كفل حق العودة والتعويض.
وأكد الخبير وأستاذ القانون العام والتحليل السياسي الدكتور معاذ وليد أبو دلو، أن يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يمثل مناسبةً دوليةً لتذكير العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني تحت وطأة “أطول احتلال في العصر الحديث”، وأن للفلسطينيين الحق في تقرير مصيرهم استنادًا إلى القانون الدولي.
وأشار أبو دلو إلى أهمية تعزيز الوعي العالمي عبر كشف انتهاكات الاحتلال، ودفع الإعلام الدولي لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية وجرائم الحرب على الشعب الفلسطيني.
واقترح أربع ركائز لتحقيق التغيير: تعزيز الوعي بحقوق الفلسطينيين التاريخية والقانونية، وتوثيق جرائم الحرب وإحالتها إلى المحاكم الدولية، وحث وسائل الإعلام على تغطية شاملة ومتوازنة، وتعزيز حقوق الإنسان وتوجيه الإعلام العالمي للحديث عن القضية الفلسطينية.
وشدد أبو دلو على خمس رسائل جوهرية يجب تركيز الجهود عليها وهي: تطبيق القانون الدولي كخط دفاع أول عن الفلسطينيين، وحماية الفلسطينيين من الانتهاكات ومحاسبة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، والتأكيد على حق تقرير المصير وفقًا للشرعية الدولية، والدعوة إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية تجاه القضية الفلسطينية.
وأكد أبو دلو أن المملكة شعبياً ورسمياً ، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، كانت وما زالت مع الأشقاء الفلسطينيين منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917، وما تلاه من النكبة عام 1948 ونكسة حزيران 1967، فالمملكة تُعدُّ الرئة للأشقاء الفلسطينيين، مشيرًا إلى دعمها السياسي والإغاثي واللوجستي والمادي والمعنوي المستمر.
وبين أبو دلو: أن الأردن على كافة المنابر والمحافل الدولية هو الداعم للأشقاء الفلسطينيين، ويشدّد على إقامة الدولة الفلسطينية وكذلك التنبيه على مجريات الأحداث في فلسطين وأثر استمرار ذلك على الإقليم، وما رأيناه من مواقف رسمية، حيث سعت المملكة للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأضاف أن للأردن تأثيرا دبلوماسيا نشطا في الساحة العالمية من أجل حصول الأشقاء الفلسطينيين على دولتهم وفق حقوقهم المشروعة وأن تكون وفق خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لنيل دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
وكان الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال في رسالته عبر الموقع الإلكتروني، للجمعية، “بمناسبة هذا اليوم: يأتي هذا اليوم بعد عامين من المعاناة المروعة في قطاع غزة – وبداية وقف إطلاق النار الذي كانت الحاجة إليه في غاية الإلحاح”.
وأضاف: “الناجون هم الآن في حالة حداد على عشرات الآلاف من الأصدقاء والأقارب الذين فارقوا الحياة – ثلثهم تقريباً من الأطفال – إلى جانب الآلاف من المصابين، ويشهد القطاع استشراءً للجوع والمرض والصدمات النفسية وانتشارا لأنقاض المدارس والمنازل والمستشفيات المدمرة”.



