"\n"
مقالات

الاستقرار أم التحفيز !.

عصام قضماني

هناك مدرستان الأولى تدعو إلى ضبط النفقات لتحقيق الاستقرار المالي عبر ضبط عجز الموازنة أما الثانية فتحث على الإنفاق لحفز النمو وضبط العوز بوسائل أخرى غير ضبط الإنفاق خصوصا الرأسمالي.

في الأردن تعاقبت الحكومات على هاتين المدرستين لكن الأولى كانت دائما غالبة فقد كان الحذر يحكم آليات اتخاذ القرار المالي، ودعمت اعتراضات شعبية رأت في تفاقم المديونية وتهديد الاستقرار المالي هذا الحذر.

اصحاب نظرية الإنفاق لحفز النمو رأوا أن التوسع في هذا المجال ضروري لحفز النمو وان الحكومة يجب أن تكون مبادرة وان لم تكن فان القطاع الخاص لن يقدم على مثل هذه الخطوة وهو اكثر ترددا ورأوا ايضا ان مخاوف زيادة المديونية ليست مقلقة ان تم ضبط العجز وان تحولت هذه المديونية إلى مشاريع وان هذه المديونية تكون قابلة للسداد او لان تكون في حدود آمنة ان كبر النمو واصبحت نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي في حدود آمنة.

يهدف برنامج التحديث الاقتصادي إلى حفز النمو وان كان بطموح حذر برفع نسبة نمو الاقتصاد الوطني إلى ٥% على الأقل مع نهاية البرنامج ومدته ١٠ سنوات قطع حتى الآن ٣ منها.

أما برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، فيهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق الاسـتقرار الاقتصادي والمالي، وما يعنيـه ذلك من إصلاحات مثل سد عجز الموازنة العامة، وتخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الصادرات الوطنية وثبات سعر صرف الدينار تجاه الدولار.

الحكومة تعمل على البرنامجين معاً، وهي تعرف أن هناك قدرا من التناقض بينهما مع ذلك فهي ماضية قدما في سياسات التحفيز لكن غير الخطرة.

بقي ان راس عمود التحفيز هي النفقات الرأسمالية والحكومة مصرة على انفاقها في المشاريع المدرجة في الموازنة حتى آخر دينار وهو مسار جيد ولطالما حد من النمو التوجه إلى ضبط الإنفاق بشطب النفقات الرأسمالية باعتبار ان النفقات الجارية بقرة مقدسة.

كان لنا تجارب في ضبط الإنفاق الجاري وهو ممكن لكن ليس على حساب مستوى الخدمات.

لتمويل مشاريع التحديث كان السؤال دائما هو من أين يأتي المال؟. وبينما تراهن الحكومة على القطاع الخاص فهي لا تزال الأعلى إنفاقا.

هناك من يلوم لكثافة الاستدانة ورفع المديونية لتمويل المشاريع لكن ماذا لو تحول هذا الدين إلى أصول ذات قيمة تتضاعف مع الوقت بأكثر من قيمة الدين؟.

هذه ليست أحجية فقد سلكتها دول كثيرة ونجحت.

لكن المطلوب ايضا تحقيق النمو لتخفيض مستوى البطالة ووقف تامل معدلات الدخل.

تحقيق الاستقرار المالي له ثمن وتحفيز النمو له ثمن ايضا لكن في الخلاصة يجب تقييم هذه الأثمان وأيهما اقل ثقلا على كاهل الاقتصاد وحجم ما يقابل كل منهما من منفعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى