إقتصاد وإستثماررئيسي
البلبيسي: تحديث القطاع العام يعزز الاستثمار ويبني الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص

أردني – استعرضت وزيرة الدولة لتطوير القطاع العام بدرية البلبيسي خلال جلسة حوارية نظمها منتدى الاستراتيجيات الأردني، رؤية الحكومة لتحديث القطاع العام. حيث أكدت أن وجود جهاز حكومي مرن وذو كفاءة عالية يعزز بيئة الأعمال عبر تسهيل الإجراءات ودعم الاستثمار وبناء الثقة بين القطاعين.
وأوضحت أن خارطة تحديث القطاع العام جاءت استجابة للحاجة إلى تغيير دور الحكومة من مقدم للخدمات إلى ممكن للتنمية، حيث تركز على المواطن كمحور للاهتمام، وتعمل على تحسين كفاءة الإنفاق والارتقاء بالإنتاجية والجاهزية للمستقبل، مع اعتماد نهج “الحكومة الواحدة” لتقليل الازدواجية وتعزيز التنسيق.
كما أكدت الوزيرة على أهمية إشراك القطاع الخاص في عملية التحديث، مشيرة إلى أن تمثيل القطاع الخاص أتاح منظورا جديدا للتوجهات والمبادرات وضمان توافق السياسات مع متطلبات السوق.
كما عرضت ملامح الخارطة التي تضم سبعة محاور استراتيجية تنفذ عبر ثلاثة برامج متتابعة، حيث يهدف البرنامج التنفيذي الأول (2022-2025) إلى تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية، على أن يُستكمل ببرنامج ثان للأعوام (2026-2029) لتنفيذ المشاريع المعنية.
وأشارت إلى أهمية التركيز على تطوير الموارد البشرية وفق منهج الكفايات لتمكين الحكومة من الانتقال للدور الجديد المناطة بها.
وفيما يخص القيادات الحكومية، أوضحت البلبيسي أن خارطة تحديث القطاع العام ركزت على دور القيادات الحكومية كمحرك رئيسي لمبادرات التحديث، حيث جرى تحديد صفات القائد المستقبلي القادر على تبني التغيير وتحويل التحديات إلى فرص مبتكرة، مع تعزيز الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية وتحسين بيئة الأعمال.
وتناول حديث الوزيرة محور الخدمات الحكومية والإجراءات والرقمنة؛ حيث ذكرت أنه قامت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بأتمتة جزء كبير من الخدمات بالإضافة إلى إنشاء (9) مراكز الخدمات الحكومية الشاملة.
وأكدت الوزيرة على أهمية تعزيز أدوات التعرف على واقع الخدمات الحكومية المكانية والالكترونية، وتكامل أدوات سماع صوت المواطن. وأضافت أنه تم الانتهاء من إعداد الإطار التشريعي اللازم لإدارة وتطوير جميع الخدمات الحكومية.
وأوضحت البلبيسي أن تطوير السياسات وصنع القرار عبر تحليل منهجي للأثرالمتوقع يسهم في تعزيز جودة القرارات واستقرارالتشريعات وبالتالي وتقليل الأعباء على القطاع الخاص، وتعزيز ثقة المستثمرين، بالإضافة الى وتقليل البيروقراطية وتبسيط الإجراءات مما يسهم في رفع كفاءة الإنفاق يساهم في خفض الكلف والوقت على بيئة الأعمال.
* تعزيز الحوكمة والمساءلة
كان ذلك خلال جلسة حوارية عقدها منتدى الاستراتيجيات الأردني بمشاركة عدد من أعضائه وممثلي القطاع الخاص، حيث تم تسليط الضوء على مسيرة تحديث القطاع العام بعد مرور ثلاث سنوات على إطلاق خارطة التحديث، ومناقشة أبرز التحديات والتوجهات المستقبلية.
وأكدت المديرة التنفيذية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، نسرين بركات، أن المنتدى كان منذ البداية شريكًا رئيسيًا في مسار تحديث القطاع العام. حيث شارك عدد من أعضائه وخبرائه في اللجنة الوطنية التي صاغت خارطة تحديث القطاع العام. ولا يزال يواصل المنتدى دوره اليوم كبيت خبرة وطني، ومنصة للحوار الفعال والمنتج، تجمع صانع القرار بالقطاع الخاص.
وأشارت بركات إلى أن المؤشرات الدولية والمحلية تعكس أن الأردن قد حقق بالفعل تقدمًا ملموسًا في هذا المجال، وبالأخص بعد العام 2022. إلا أنه لا بد من البناء على هذا التقدم، لتحويله إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، ومستدامة تترك أثرًا مباشرًا على حياة المواطن، وبيئة الأعمال، وثقة المستثمرين.
وفي هذا السياق، أكدت بركات أن صوت القطاع الخاص ورؤيته يمثلان عنصرًا أساسيًا في توجيه البوصلة نحو الأولويات التي تلامس الواقع الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تقديم ملاحظاته وتغذيته الراجعة التي تساعد في تصويب المسار وصياغة التوجهات الوطنية.
وأشارت إلى أن المنتدى قد وضع مجموعة من الأولويات الاستراتيجية التي يرى أنها مفتاح نجاح المرحلة المقبلة، والتي تشمل تعزيز الحوكمة والمساءلة في الإدارة العامة، وترسيخ الثقافة المؤسسية لتسريع التحديث وضمان استدامته، بالإضافة إلى تطوير آليات التشريع بما يضمن الوضوح والاتساق والاستقرار التشريعي، وكذلك الامتثال الطوعي للقوانين والتشريعات. علاوة على ضرورة الاستمرار في إعادة هندسة الإجراءات الحكومية لتبسيطها بشكل جذري قبل رقمنتها، ورصد وتقييم أثر المبادرات والمشاريع بصورة موضوعية لمعرفة انعكاساتها الحقيقية على الاقتصاد والمجتمع.
* المورد البشري ركيزة أساسية
من جانبه، أكد رئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة فايز النهار أن المورد البشري يشكّل الركيزة الأساسية في تطوير القطاع العام والارتقاء بجودة الخدمات، مبينًا أن التحول الذي تقوده الهيئة يستهدف معالجة التحديات السابقة في آليات التوظيف والترقية التي كانت تعتمد على الأقدمية، واستبدالها بنظام قائم على الكفايات والمعارف بما يضمن استقطاب الكفاءات الحقيقية.
وأوضح النهار أن الهيئة تعمل وفق سبعة محاور رئيسية تشمل: إدارة الموارد البشرية، القيادات، الخدمات الحكومية، الثقافة المؤسسية، تطوير الأداء المؤسسي، الخدمات المشتركة، والهياكل التنظيمية، مشيرًا إلى أن هذه المحاور تشكّل الأساس لتطوير السياسات وتعزيز كفاءة الجهاز الحكومي.
وبيّن أن الانتقال من ديوان الخدمة المدنية إلى هيئة الخدمة والإدارة العامة تم عبر ثلاث مراحل متكاملة، شملت مرحلة التأسيس لبناء الأطر والتشريعات، ثم مرحلة التمكين والحوكمة من خلال السياسات والشراكات، وصولًا إلى مرحلة الاستقرار والنضوج التي تعزز الدور الرقابي والتطويري للهيئة.
وأضاف أن الهيئة اعتمدت الإعلان المفتوح بنسبة 70% مقابل 30% للمخزون اعتبارًا من عام 2025، إلى جانب إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف لضمان النزاهة والشفافية، مؤكدًا أن هذه الإصلاحات تأتي مواكبةً لمتغيرات سوق العمل وبهدف تعزيز كفاءة الجهاز الحكومي وتحقيق العدالة في الفرص.
وجرى حوار تفاعلي خلال الجلسة، ناقش خلاله ممثلو القطاع الخاص رؤيتهم حول أولويات المرحلة المقبلة، وتبادلوا وجهات النظر بشأن سبل تعزيز فاعلية التحديث الإداري وتسريع أثره على الاقتصاد وبيئة الأعمال، مؤكدين على أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتأسيس لمرحلة جديدة من الإصلاح ترتكز على الشفافية والمساءلة والكفاءة المؤسسية.