توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني لدولة رئيس الوزراء د. جعفر حسان في كتاب التكليف السامي أشارت وبكل وضوح إلى ما يلي:
1 – ضرورة أن تكون بوصلة الحكومة مواصلة برامج التحديث الوطنية.. فهي «مشروع الدولة».
2 – تنفيذ الرؤية يتطلب «فريقًا وزاريًّا طموحًا ومؤمنًا برؤية التحديث».
3 – «سيكون القطاع العام خاضعًا للتقييم المستمر، فمن دون إدارة عامة كفؤة لا يمكن السير في تنفيذ مسارات التحديث الأخرى».
4 – «لا بد من تكريس نهج المساءلة للمقصّرين في واجباتهم تجاه المواطن، لأن مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول لا وضع العراقيل».
في مقدمة ما يميّز رؤية التحديث الاقتصادي 2033 عمّا سبقها من استراتيجيات وخطط وبرامج ورؤًى أنها وللمرة الأولى، جمعت جميع الأطراف المعنية من ممثلي القطاعات والمعنيين في الحكومة والقطاع الخاص والجامعات والأعيان والنواب والقطاع النسائي والشبابي والإعلامي.. كلهم جلسوا على طاولة حوارات ونقاشات استمرت قرابة خمسة أشهر وتوافقوا على «رؤية مشتركة للتحديث الاقتصادي» حتى العام 2033، قابلة للتنفيذ في مختلف القطاعات الـ(17) التي تمّ مناقشتها، وضمت مبادرات تستهدف تحقيق مرتكزات أساسية في مقدمتها:
جذب استثمارات بإجمالي 41 مليار دولار.
رفع معدلات النمو إلى 5.6 %.
خلق 1.1 مليون وظيفة.
ولتحقيق ذلك، قامت الحكومة (السابقة) بوضع برنامج تنفيذي لرؤية التحديث (العابرة للحكومات) على ثلاث مراحل، الأولى منها للأعوام (2023-2025).
اليوم، وبعد مرور أكثر من عامين على إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي (البحر الميت 6 حزيران 2022)، ومن خلال متابعة ورصد ميدانيين، أقول مباشرة، ودون مقدمات أو مجاملات:
1 – هناك معوقات تحول دون الإسراع بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وفقًا للبرنامج التنفيذي في مرحلته الأولى حتى نهاية العام 2025.. وفي مقدمة تلك المعوقات، «البيروقراطية»، التي تعوق رؤيتي التحديث «الاقتصادي والإداري».
2 – هناك بطء في «تنفيذ» عدد من مبادرات الرؤية، وفي كثير من الوزارات والإدارات الحكومية، والسبب: العودة إلى المربع الأول، وهو عدم وجود تنسيق و/أو حوار بين الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية بالتنفيذ.. بمعنى أن الحوار الذي ساهم بإخراج رؤية التحديث بات اليوم مفقودًا على أرض الواقع، ممّا صار يعطّل أو يبطّئ سرعة الإنجاز في تنفيذ كثير من المبادرات، الأمر الذي سيؤخّر تحقيق مستهدفات الرؤية وفقًا للجدول الزمني المحدّد لكل مبادرة ومشروع في رؤية التحديث.
3 – يبدو أن الحوار مفقود حتى داخل بعض الوزارات بين الوزارة «الأم» – إذا جاز الوصف – وبين الإدارات العامة المتفرعة منها، والتي يقع على كاهلها – غالبًا – النسبة الأكبر ممّا يتطلب إنجازه في البرنامج التنفيذي للرؤية.
4 – هناك أمور من الضروري إيجاد حلول لها على مستوى الحكومة، إذا أردنا حقًّا تسريع الإنجاز على أرض الواقع، وللدلالة على ما أقول – وعلى سبيل المثال لا الحصر – فإن رؤيتي التحديث الاقتصادي والإداري ركّزتا على أهمية «الرقمنة» – لا بل إن التحديث يستهدف «رقمنة جميع الخدمات الحكومية» مع نهاية العام 2025 -.. لكنّ واقع الحال في هذا الموضوع، وتحديدًا «الحكومة الرقمية»، يشير إلى ما يلي:
أ) – هناك وزارات وإدارات حكومية قطعت شوطًا جيدًا في تحويل عدد كبير من خدماتها إلى «رقمية».
ب) – في المقابل، هناك وزارات لا تزال بعيدة عن تحقيق ذلك الهدف.
ج) – مع التحول الحكومي الرقمي، لا يزال مراجعون لوزارات وإدارات حكومية يسمعون عبارة «السيستم عطلان»، ويرددونها تندّرًا.. دون إيجاد حل جذري لهذه المعضلة.
د) – الأهم.. هو ما سمعته من مواطنين – وحتى من مسؤولين – في محافظات من تساؤلات تقول:
كيف سيتم تحويل جميع الخدمات الحكومية إلى رقمية عبر شبكات حكومية متقاطعة؟
كيف ستصل الخدمات الرقمية إلى محافظات ومناطق لا يوجد بها «إنترنت»؟
كيف ستصل الخدمات إلى مناطق كثير من المواطنين فيها ليس لديهم هواتف خلوية ذكية؟
ما أطرحه هنا مجرد أمثلة على تحديات متوقعة، ولا يمكن حلها إلاّ من خلال تنسيق كامل وشامل بين جميع الجهات المعنية، وهذا التنسيق المشترك هو ما ندعو إليه، وهو من أهم عوامل نجاح «تنفيذ» رؤية التحديث الاقتصادي.
* باختصار: هناك إنجازات نفخر بها بالتأكيد، لكننا دائمًا نطمح إلى الأفضل والأكمل.. ولتسريع «سلاسل تنفيذ» مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، فإن الأمر يستوجب:
مراجعة التحديات التي تحول دون تسريع الإجراءات التنفيذية وإيجاد الحلول السريعة والمناسبة من أجل تحويل المبادرات إلى واقع ملموس.
العودة إلى «حوارات المراجعة» وتوسيعها بين الجهات المعنية الحكومية والقطاع الخاص لتذليل العقبات وتسريع الخطوات.
الدستور