"\n"
مقالات

الخروقات الخطيرة بعد إعفاء التأشيرات

ماهر ابو طير

بدأ اعتبارا من يوم أمس السبت العمل بنظام الإعفاء من التأشيرة بين الأردن وروسيا، مما سيزيد من أعداد السياح من الجانبين وسيعزز العلاقات السياحية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدين.

في الوقت ذاته، قد يفتح هذا الإعفاء الباب بشكل أسهل أمام السلطات الروسية وأي شركات أمنية متعاقدة معها للتورط في خروقات من خلال استدراج أردنيين من أجل التجنيد في الحرب الروسية الأوكرانية، خصوصا مع المعلومات السابقة التي تدفقت حول مقتل أردنيين، أو ذهاب أردنيين للقتال في حرب ليست حرب الأردنيين، وليسوا طرفا فيها أصلا، وفوق أنها ليست حربا مقدسة بمعاييرنا.

الإعفاء من التأشيرات أمر إيجابي ويجب أن يتم استغلاله بشكل صحيح من الجانبين، فالأردني بإمكانه زيارة روسيا والعودة دون أي مشاكل سياسية أو أمنية، والروسي بإمكانه القدوم إلى الأردن لأي سبب والمغادرة ضمن الشروط المعلنة، دون أي تجاوزات.

في المعلومات المنشورة سابقا أن الأردن طلب من الروس عدم تجنيد أي أردنيين، لكن المشكلة قد تكمن اليوم في القرار الشخصي لمقابل المال والإغراءات، ولا يستطيع الأردن إرسال مرافق مع كل مسافر أردني للتأكد من نياته من وراء السفر.

كما لا يمكن أيضا الشك في كل شاب أردني، أو مسافر أردني باعتباره قد يكون مقاتلا محتملا، لأن الشك هنا قد يؤدي إلى إفساد الغاية من وراء الإعفاء من الحصول المسبق على التأشيرات السياحية إلى روسيا، إضافة إلى أن الفخ المخفي في عقود التجنيد قد يكمن في السفر إلى دولة ثالثة للتمويه ثم الانتقال إلى روسيا.

حرب روسيا في أوكرانيا أدت إلى تجنيد جنسيات متعددة، بما فيها الجنسيات العربية، مقابل إغراءات مالية مختلفة، ويتم أحيانا الترويج لهذه الإغراءات التي لا تعادل شيئا مقابل خطر الموت أو الإصابة، وهذا يعني من جهة ثانية أن ضيق العيش في الأردن يجب ألا يدفع أحدا للتورط في هذه العمليات العسكرية، فهي عمليات قد لا يعود منها أصلا، كما أنه ليس طرفا فيها من الأساس، فوق أن هذه المشاركة قد تؤدي في توقيتات معينة إلى أسر أردنيين من جانب الجيش الأوكراني بما سيفتح جبهة ثانية مع أوكرانيا نحن في غنى عنها.

ما نتحدث عنه هو الاستثناء الذي لا يجوز أن يفسد الإعفاء من التأشيرات، وقد يثبت الجميع أن الإعفاء من التأشيرات كان مفيدا للطرفين على صعيد السياحة والاستكشاف والاستثمار، فيما أثبتت حروب متعددة أن التورط فيها كان مكلفا، وأن المشاركة في حروب خارج الحدود سيكون مؤذيا، بدءا من تدفق مقاتلين من الأردن سابقا إلى جبهة سوريا في عهد النظام السابق، أو حتى جبهات ثانية كان كل المشاركين فيها مجرد حطب في نار كبيرة مشتعلة بكل شيء.

الروس عليهم من حيث المبدأ منع تجنيد أي أردنيين، وإذا أرادوا مواصلة الحرب على أوكرانيا فهذا عائد لهم، من خلال أبناء روسيا ذاتها، لا من أبناء شعوب ثانية، كما أن السلطات الرسمية في عمان عليها أن تدقق من باب الحيطة في طبيعة المستفيدين والمسافرين إلى روسيا، ولو من باب التأكد لا العرقلة، كما كان يجري في فترات سابقة حين يلمحون أي شيء غير طبيعي بحق مسافر أردني نحو تركيا المجاورة لسورية، أو لأي دول ثانية، فتكون الحيطة مرنة، لا تمنع المسافر من السفر، لكنها تدقق قليلا في الدوافع والغايات.

الهروب من ضيق العيش لا يكون بالانتحار قتلا في معارك لا علاقة لنا بها، ولنا بحقها تحفظات بحق ما يواجهه المدنيون فيها.

الحل بسيط جدا ومتوفر لدى الروس.

الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى