مقالات

المضامين الاقتصادية للأحزاب

د. رعد محمود التل

تحت عنوان “المضامين الاقتصادية والاجتماعية للأحزاب الأردنية في انتخابات المجلس النيابي العشرين”، أجرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي دراسة مهمة ظهر فيها أن 81.6 % من الأحزاب الأردنية تمتلك برامج اقتصادية عامة، بينما 18.4 % فقط لديها برامج اقتصادية محددة. تناولت الدراسة المضامين الاقتصادية والاجتماعية للأحزاب في انتخابات 2024، حيث تبين أن معظم الأحزاب تضمنت شعارات عامة دون تقديم خطط أو حلول ملموسة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على تمكين المرأة والشباب، ومحاربة الفساد، ودعم التعليم، ومكافحة البطالة والفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تظهر الدراسة أيضًا أن 68 % من الأحزاب أعلنت برامجها خلال فترة الدعاية الانتخابية، مع توجيه انتقاد للأحزاب لعدم تقديمها حلولا عملية وواقعية، حيث ركزت أغلب البرامج على محاربة الفساد بنسبة 84.2 %، وتعزيز النزاهة، ودعم التعليم والتدريب المهني بنسبة 78.9 %، ومكافحة البطالة بنسبة 73.7 %، ومحاربة الفقر بنسبة 68.4 %. وفيما يخص القضايا الاجتماعية، كان تمكين المرأة والشباب على رأس الأولويات بنسبة 76.3 %، تلاها تعزيز العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بنسبة 65.8 %.

المضامين الاقتصادية التي حظيت باهتمام أكبر من بعض الأحزاب تشمل قضايا البطالة، حيث ركزت على تقديم حلول لتعزيز اقتصاد السوق الاجتماعي، بالإضافة إلى تحسين النظام الضريبي لزيادة العدالة الاجتماعية وتحفيز الاقتصاد. كما أولت هذه الأحزاب اهتماما كبيرا بتنمية المحافظات من خلال تحسين الخدمات والبنية التحتية، وتطوير قطاع النقل لتحسين الربط بين المدن ودعم النمو الاقتصادي.

في الملفات الاقتصادية الكبرى، لم تضع الأحزاب (عدا ثلاثة منها) رؤيتها وخططها لإيجاد حلول لهذه القضايا، والتي تشمل: الفقر، البطالة، رفع معدلات النمو، جذب الاستثمارات، عجز الموازنة، خفض المديونية، والنهوض بالقطاعات الاقتصادية ذات الأولوية. عدد قليل جدا مما أعلنته الأحزاب في برامجها الانتخابية أو نظامها الأساسي يشير إلى الاستفادة أو الاستناد إلى أو مرجعية مبادرات “رؤية التحديث الاقتصادي 2033” أو “التحديث الإداري”، وإن كان من الواضح أن بعض الأحزاب أشارت إليها ضمنًا.

بالرغم من أن دور مجلس النواب تشريعي، إلا أن الدراسة أظهرت أن عددًا قليلاً من الأحزاب تناولت الدور التشريعي، وبمطالبات خجولة لتعديل قوانين مثل الضمان الاجتماعي، والضريبة، والاستثمار، واللامركزية، والجرائم الإلكترونية، دون التطرق لقضايا هامة مثل مكافحة المخدرات.

تضمنت الدراسة أيضاً توصيات عدة، أبرزها دعوة الأحزاب لتطوير رؤى التحديث الاقتصادية والاجتماعية، والاستفادة من الخبرات المتوفرة في الهيئات العامة، بالإضافة إلى إعداد برامج تفصيلية تُترجم رؤى الأحزاب إلى خطط قابلة للتنفيذ والتقييم. كما شددت على ضرورة ابتكار حلول خارج الصندوق وتجاوز الشعارات الرنانة إلى تقديم برامج واقعية وقابلة للتطبيق.

وأوصت الدراسة الأحزاب بتفعيل دور اللجان المتخصصة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ووضع خطط وبرامج تفصيلية للمرحلة المقبلة، وتوحيد البرامج وتبادل الخبرات بين الأحزاب للوصول إلى تحالفات توافقية على القضايا الاقتصادية والاجتماعية تحت قبة البرلمان. كما أكدت على ضرورة نشر رؤى وأهداف الأحزاب بين أعضائها لضمان توافق الرؤى وتعزيز التمايز في الأداء البرامجي في المجلس العشرين.

فقط 60.5 % من الأحزاب ركزت على عدالة توزيع مكتسبات التنمية في برامجها الانتخابية، واهتمت 52.6 % بتحقيق الأمن الغذائي والتركيز على الزراعة، وبنسبة 42.1 % من الأحزاب اهتمت بجذب الاستثمار الأجنبي ودعم الاستثمار المحلي بحسب دراسة المجلس.

كما أشارت الدراسة إلى أن نجاح الأحزاب في الانتخابات القادمة سيكون غالبا لأسباب غير متعلقة بالبرامج، لكن الأداء البرامجي للأحزاب في المجلس العشرين سيعزز من فرص نجاحها وزيادة مقاعدها في البرلمان الحادي والعشرين. ونوهت الدراسة إلى أن معظم الأحزاب تعاملت مع المضامين الاقتصادية والاجتماعية كشعارات دون تفاصيل، مع قلة من الأحزاب التي قدمت رؤى تفصيلية وحلولا لقضايا اقتصادية واجتماعية محددة.

* د. رعد محمود التل/ رئيس قسم الاقتصاد- الجامعة الاردنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى