"\n"
إقتصاد وإستثمار

المنتدى الاقتصادي الأردني يدعو للتركيز المستمر على التحديات الرئيسة وإيجاد حلول لها

أردني – أصدر المنتدى الاقتصادي الأردني العدد الأول من دوريته الجديدة التي ترصد أداء رؤية التحديث الاقتصادي تحت عنوان: “رؤية التحديث الاقتصادي بين الأهداف الطموحة وواقع التنفيذ”، وذلك ضمن جهوده المستمرة بوصفه منصة فكرية تُعنى برصد الواقع الاقتصادي في المملكة وتحليل مساراته.

وأكد المنتدى، في بيان صحفي، أهمية متابعة المؤشرات الاقتصادية العالمية الصادرة عن مؤسسات دولية مرموقة، باعتبارها أدوات تقييم تُسهم في قياس مدى نجاح الدول في تحقيق أهدافها الاقتصادية وتحديد موقعها ضمن المشهد الاقتصادي العالمي.

وأضاف أن هذه التصنيفات تُوفر لصانعي السياسات والباحثين والمواطنين والمهتمين مؤشراً حول أداء بلادهم مقارنة بالدول الأخرى، كما تشكل عاملاً جاذباً للمستثمرين الذين ينظرون إليها كإحدى الأدوات في تقييم بيئة الأعمال والاستثمار.

وأشار المنتدى إلى أن هذه المؤشرات تُسهم أيضًا في تسليط الضوء على أفضل الممارسات الاقتصادية العالمية من وجهة نظر المؤسسات التي تُصدرها، مما يمنح الدول فرصة للاستفادة من التجارب الناجحة في تطوير سياساتها الاقتصادية.

إلا أن المنتدى أوضح أن الاعتماد على هذه التصنيفات عند وضع الاستراتيجيات الاقتصادية قد لا يعكس بالضرورة الواقع الاقتصادي المحلي، وخاصة تأثيره المباشر على المواطن ودخله.

وأشار إلى أن الدورية التي تم إصدارها وتوزيعها على أعضاء المنتدى، تسعى إلى تحليل مؤشرات الأداء الرئيسية التي وُضعت لقياس أثر السياسات الاقتصادية، لضمان توافقها مع الاحتياجات الفعلية للمجتمع والاقتصاد، كما تعمل على تقديم نتائج الدراسات والمتابعات بشكل دقيق بقدر المستطاع إلى أعضاء المنتدى الاقتصادي الأردني، فضلاً عن إتاحتها لأي مؤسسات أو أشخاص أو جهات قد تجد فائدة في تحليل البيانات والمعلومات الواردة.

وأشار البيان إلى أن هذه الدورية تأتي في إطار مراجعة دورية شاملة للسياسات والبرامج المعتمدة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، وتهدف إلى تقييم مستوى التقدم والإنجاز في تحقيق الأهداف المحددة، مع التركيز على مدى واقعيتها وفعاليتها في إحداث تغيير ملموس في حياة المواطن الأردني.

وأكد المنتدى أن هذه الدورية لا تهدف فقط إلى توثيق التقدم أو التحديات، بل تمثل أداة تحليلية واستراتيجية تسعى إلى تقديم حلول مبتكرة تُسهم في تجاوز العقبات الاقتصادية وتعزيز مسيرة التنمية.

وأوضح أن هذه الدورية ستكون مرجعًا أساسيًا للمنتدى وأعضائه، يعكس التزام المنتدى بدوره في دعم الرؤية الاقتصادية وتقديم توصيات بنّاءة تصب في المصلحة العامة.

الدورية تلفت النظر إلى أن العديد من أهداف الرؤية ارتبطت بشكل مباشر بترتيب الأردن في مؤشرات دولية، وهو ما قد يؤدي إلى تركيز مفرط على تحسين “الصورة الخارجية” دون معالجة جذور التحديات الهيكلية في الاقتصاد الوطني، بذلك يوصي المنتدى بعدم الاكتفاء بتحقيق تحسن عددي في المؤشرات، بل بتوجيه الجهود نحو إصلاحات حقيقية ومستدامة تلامس أولويات المواطن وتنعكس على نوعية حياته بشكل فعلي.

وأضاف المنتدى أن الحكومات قد تجد نفسها في بعض الحالات تركّز على تحسين ترتيبها في هذه المؤشرات من خلال إصلاحات قانونية وتنظيمية لا يكون لها تأثير ملموس على المواطن، دون معالجة التحديات الاقتصادية الحقيقية التي تواجهها، كارتفاع معدلات البطالة في الأردن، والاستثمار في القطاعات الإنتاجية التي تخلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.

ولفت المنتدى أيضا إلى أن بعض المؤشرات المستخدمة في هذه التصنيفات قد لا تتماشى مع الأهداف الوطنية طويلة الأمد، خصوصاً فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وخلق فرص العمل، وتعزيز تنافسية القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية.

وأشار المنتدى إلى أن بعض هذه التصنيفات لا تعكس بدقة الواقع الفعلي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن التنافس السياسي بين الدول قد يلعب أحيانًا دورًا في التأثير على تصنيفات بعض الدول، حيث شهدت حالات حصلت فيها دول على تصنيفات أقل من واقعها الفعلي، ما أثر سلبًا على مصداقية بعض المؤسسات الدولية المصدرة لهذه المؤشرات.

وأكد المنتدى أن اتباع نهج متوازن في التعامل مع هذه التصنيفات يُعد ضروريًا، بحيث يتم استخدامها كأداة مساعدة في التحليل والتخطيط، دون أن تكون العامل الرئيسي في رسم السياسات الاقتصادية الوطنية وكمقياس لنجاح السياسات الاقتصادية، كما جاء في البرنامج التنفيذي، التي يجب أن ترتكز على معدلات البطالة ودخل المواطن.

وأشار المنتدى إلى أنه رغم تصنيف العديد من الدول بعد الأردن في بعض المؤشرات المذكورة في رؤية التحديث الاقتصادي، نجد أن مؤشراتها الاقتصادية أكثر إيجابية من حيث معدلات البطالة أو القدرة على استقطاب الاستثمارات.

كما أشار المنتدى إلى أن مؤشر مستقبل النمو الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي يُسلط الضوء على أداء الدول في عدد من المعايير، إلا أنه يكشف أيضًا عن بعض التناقضات التي تستدعي النظر بعين ناقدة عند استخدام هذه المؤشرات لتقييم التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن.

وضرب المنتدى مثالا في أن الأردن حقق ترتيبًا متميزًا في معيار الاستدامة، حيث جاء في المركز الثالث عالميًا بعد السويد وتشاد، إلا أن هذا الإنجاز لم ينعكس بشكل مباشر على المواطن الأردني، سواءً من حيث مستوى الدخل أو تراجع معدلات البطالة.

وقال رئيس المنتدى الاقتصادي الأردني مازن الحمود إن المنتدى يرى ضرورة عدم الاعتماد بشكل رئيسي على هذه المؤشرات عند رسم السياسات الاقتصادية في الأردن، بل التركيز على التحديات الرئيسية مثل البطالة ودخل الفرد من خلال إجراءات جوهرية تعزز القدرة التنافسية الفعلية، مثل استقطاب الاستثمارات الجديدة، ودعم القطاعات الإنتاجية، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال.

وأضاف الحمود أن التجارب الدولية تُثبت أن الدول التي تعتمد على استراتيجيات شاملة ومستدامة، بدلاً من السعي فقط لتحسين ترتيبها في المؤشرات الدولية، تحقق نتائج اقتصادية أكثر استقرارًا ونجاحًا على المدى الطويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى