مقالات

اليوبيل الفضي .. إنجازات تفوق الإمكانات

محمد بركات الطراونة

ما شاهدناه في الاحتفال الوطني المهيب باليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، يحمل رسائل قوية مفادها أن الأردن دولة قوية متماسكة بقائدها وشعبها وجيشها واجهزتها الأمنية ومؤسساتها، رسائل تحمل كل معاني الاطمئنان على حاضرنا ومستقبل اجيالنا، قبل خمسةوعشرين عاما، نستذكر تلك اللحظات التي أبهرت العالم، وهي اللحظات التي انتقل فيها الحكم بكل سلاسة وانتقلت الراية من يد هاشمي هو الحسين الباني طيب الله ثراه إلى يد هاشمي معزز هو الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه، انتقال سلس للحكم يدل على متانة وقوة الدولة الأردنية، ويدل على أننا نمتلك دستوراً حضارياً متطوراً، وتشريعات تمؤسس لقوة الدولة، لتكون دولة قانون ومؤسسات، ومنذ أن تولى جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، وضع نصب عينيه العديد من المفاصل الهامة وعلى رأسها تحسين مستوى معيشة المواطنين، وتعزيز وتمتين الحياة النيابية وتوسيع المشاركة الشعبية، وكان من بواكير هذا العمل التعديلات الدستورية الكبيرة التي طرأت على الدستور والتي جاءت بتوجيهات ملكية سامية، حين شكل جلالته لجنة من كبار فقهاء القانون وأصحاب الخبرة وضع بين أيديهم توجيهات تؤكد على ضرورة فتح كل مواد الدستور للبحث من أجل مواكبة التحديث والتطوير الذي يشهده الأردن، وهذا دليل على إيمان وإدراك جلالة الملك لأهمية التغيير وأن تخطو الدولة خطوات تتناسب مع تطورها وتحديثها وعلى ذلك تم تعديل ثلث مواد الدستور، تعديلات جوهرية ليست طفيفة حين تم انشاء المحكمة الدستورية وإنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات وهذا النظام معمول به في أعرق الديمقراطيات أن يكون هناك محكمة دستورية للفصل في أي خلاف حول الدستور وتفسير مواده، وكذلك إنجاز حضاري آخر يتمثل بانشاء الهيئة المستقلة للانتخاب كهيئة دستورية لا سلطان عليها إلا لقانونها، تشرف على الانتخابات النيابية و تديرها بكل نزاهة وحيادية،، وكذلك من أجل تعزيز مكانة السلطة التشريعية والحرص على استقلالها فقد ربطت التعديلات مصير الحكومة ومصير مجلس النواب حيث الزم الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها أن تقدم استقالتها، وكذلك من أهم التعديلات ما طرأ على موضوع القوانين المؤقتة التي كانت قبل ذلك تصدر باعداد كبيرة وهنا حصر الدستور موضوع اصدار القوانين المؤقتة في امور طارئة ومستعجلة ومن تلك اللحظه لم نشهد اصدار اي قانون مؤقت وكل القوانين اصبحت مشاريع قوانين وقوانين دائمة وكذلك الفصل في الطعون في صحة النيابة كانت قبل ذلك من صلاحيات مجلس النواب أي أن الخصم والحكم واحد، التعديلات على أن يتولى القضاء هذه المهمة لمزيد من النزاهة والاستقلالية لم تكن الظروف التي تولى فيها جلالة الملك سهلة بل كانت معقدة وصعبة ويشهد الإقليم مزيداً من الحروب الصراعات ونحن نعيش في منطقة ملتهبة وهذا الأمر يؤثر علينا مباشرة ومع ذلك فقد تمكن الأردن بفضل قيادته الهاشمية ووعي ابناء شعبه من تجاوز ما يسمى مرحلة بالربيع العربي والتي اسقطت دولاً وقيادات وبالعكس فقد وجه جلالة الملك أن تكون هذه المرحلة فرصة للتغيير وانجاز المزيد من الإصلاحات، وأن نستفيد منها في تحقيق المزيد من الاصلاحات أيضاً شهدنا العديد من التعديلات الدستورية التي تعزز المسيرة الديمقراطية النيابية وتعزز المشاركة الشعبية وتعطي للاحزاب أن تاخذ دورها الفعال، ولذلك جاءت التعديلات الدستورية التي وضعتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لتعطي للأحزاب هذا الدور القوي حيث خصصت واحدا واربعين مقعدا من مقاعد مجلس النواب للأحزاب وهذا تحد كبير يجب على الأحزاب أن تكون على قدر المسؤولية وأن تكون احزاباً برامجية، تجسد حاجات الوطن والمواطن ومتطلباته وكذلك تعزيز دور المرأة وتعزيز مشاركة الشباب من خلال الزام الأحزاب، أن يكون في مقدمة القوائم الانتخابية شاب وامرأة في كل قائمة، وحقق الأردن في عهد جلالته تطوراً نوعياً في كافة المجالات ويواصل جلالة الملك مع أبناء الوطن هذه المسيرة هذه الخيرة التي تهدف إلى بناء الأردن الانموذج، هذه الإنجازات تحققت بفضل التلاحم بين القيادة والشعب، على الرغم من قلة الإمكانات والموارد، إلا من خلال عزيمة وإرادة قوية صلبة تصر على الإنجاز، كل عام وجلالة الملك والوطن وأبناء الشعب الطيب وقواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية بألف خير.

الراي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى