لم يكن متوقعاً من الرئيس الاميركي دونالد ترامب اكثر مما كان، وهو لم يبدأ مبكراً في الافصاح عن افكاره، فهذه الافكار معروفة من ولايته الاولى.
ولا يصح ان يقال انه رجل صفقات عقار او تجارة خالصة،بل ان هذه الصفقات لها اهداف سياسية وهي لا تأخذ بالاعتبار مصالح الولايات المتحدة الاميركية في المقام الاول،ولو ان الامر كذلك لوجد ان مصلحة اميركا هي مع الغرب ومع العالم الاسلامي الاكبر جغرافيا وسكاناً وثروات.
يسعى الرئيس الأميركي لان يكون أقـوى رئيس في العالم بلا منازع، وان يحكم العالم وليس أميركا وحدها، وان كان طرح شعاراً اميركا اولاً.
ردود فعل هذا العالم مختلطة فهذا الرئيس اطلق منذ يومه الاول سلسلة من التصريحات العنيفة تبعها بقرارات اشد عنفا فهو لا يريد حلف الناتو كما هو اليوم ولا يريد منظمة الصحة العالمية ويريد انتزاع خليج المكسيك والسيطرة على قناة بنما ويريد ضم كندا لكنه يريد ان يتعامل مع شرق اوسط لا حروب فيه تفسد عليه قدرته على عقد صفقات ضخمة فمعيار نجاحه هو بمقدار ما يجلب الى خزانة الولايات المتحدة من اموال.
فور وصول ترامب إلى البيت الأبيض بدأ برنامجه المعلن: مصلحة أميركا فوق مصالح العالم – أميركا اولاً، إبعاد ملايين المهاجرين،لكنه اقل عنفا تجاه المسلمين.
يلخص ترمب المزاح العام العالمي الذي يتجه الى التطرف في كل شيء، التطرف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والديني الذي يعبر عن قناعاته بوضوح ودون مواربة، وهي قناعات كامنة جاء ترامب ليعبر عنها.
الاردن مثل كثير من الدول لم تفاجئه التحركات الاولى لسيد البيت الابيض الجديد بل انه يتوقع اكثر.
لحسن الحظ ان في الولايات المتحدة مؤسسات قد يكون لها رؤى مغايرة تماما،فهناك الكونغرس وهناك البنتاغون وهناك ايضا المخابرات المركزية وهناك اصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية.
ترامب أصبح أمام أمر واقع، وعلى العالم أن يتعايش معه خلال السنوات الأربع القادمة والشرق الاوسط واحد من اجندات اكبر واكثر اهمية لاميركا، الصين وكوريا وروسيا،لكن الاهم هي التحديات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ما يثير الاسى هو ان بعض المحللين بدأوا التعاطي مع اتجاهات ترمب الاخيرة بشأن القضية الفلسطينية والاردن ومصر والمنطقة وكانها حاصل تحصيل او كأنها مفاجأة.
لكن الاكثر مدعاة للدهشة هو اعتبار الاردن دولة طرية حديثة عهد بالسياسة وجديدة على المعتركات لا تجارب لها.
في الحرب الاميركية على العراق صمم الاردن على ان الحل يحب ان يكون عربيا وان التدخل الاجنبي سيكون وبالا على الامة، ورفض الانضمام الى جوقة الحل الاجنبي، آنذاك كانت الضغوط اشد وقد توقفت المساعدات والمنح بكل اشكالها بل ان علاقات الاردن الدولية والعربية تضررت كثيرا، مضى الاردن في خياراته وصمد وتجاوز ذلك كله.
بقي ان تجميد المساعدات الاميركية الخارجية لا يخص الاردن فقط،ومن المبكر ابداء ردود فعل حول هذا القرار، فالمساعدات الأميركية الخارجية واحدة من الأدوات الأساسية التي تستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والإنسانية،وهي عنوان القوة ووسيلة لحكم العالم.
الرأي