ترامب يستأنف سياسة “الضغط الأقصى” على إيران
أردني – استأنف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، وذلك في إطار جهود لخفض صادراتها النفطية إلى الصفر بهدف منعها من امتلاك سلاح نووي.
ووقع ترامب قبل اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مذكرة رئاسية تعيد فرض سياسة واشنطن الصارمة تجاه إيران والتي مارستها طوال فترة ولايته الأولى.
وعند توقيعه المذكرة، وصف ترامب القرار بأنه صعب للغاية وقال إنه كان مترددا بشأن اتخاذ هذه الخطوة. وأضاف أنه منفتح على التوصل إلى اتفاق مع إيران ومستعد للتحدث مع الرئيس الإيراني.
وقال ترامب “بالنسبة لي، الأمر بسيط للغاية. لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي”. وعندما سُئل عن مدى قرب طهران من امتلاك سلاح نووي، قال ترامب “إنهم قريبون للغاية”.
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك بعد على طلب للتعليق.
واتهم ترامب سلفه المنتمي للحزب الديمقراطي جو بايدن بعدم فرض عقوبات صارمة على تصدير النفط الإيراني. ويقول ترامب؛ إن هذا الأمر شجع طهران وسمح لها ببيع النفط لتمويل برنامج الأسلحة النووية وجماعات مسلحة في الشرق الأوسط.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي لرويترز في كانون الأول، إن إيران تُسرّع عمليات تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وهو ما يقترب من المستوى اللازم لصنع الأسلحة والبالغ 90% تقريبا. ونفت طهران رغبتها في تصنيع سلاح نووي.
ويأمر ترامب في المذكرة وزارة الخزانة، من بين أمور أخرى، بفرض “أقصى الضغوط الاقتصادية” على إيران بما في ذلك عقوبات وآليات تنفيذ تستهدف أولئك الذين ينتهكون العقوبات القائمة.
كما يوجه ترامب في مذكرته وزارتي الخزانة والخارجية بتنفيذ حملة “تهدف إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر”.
وقلصت أسعار النفط الأميركي خسائرها الثلاثاء، بعد تلك الأنباء التي عوضت بعض الضعف الناجم عن فرض رسوم جمركية بين واشنطن وبكين.
وحققت صادرات النفط الإيرانية إيرادات بلغت 53 مليار دولار في 2023 و54 مليار دولار في العام السابق، وفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وأظهرت بيانات أوبك أن الإنتاج خلال 2024 سجل أعلى مستوياته منذ 2018.
ودفع ترامب صادرات النفط الإيرانية إلى ما يقرب من الصفر خلال فترة من ولايته الأولى بعد إعادة فرض العقوبات. لكنها ارتفعت مجددا في عهد بايدن إذ نجحت إيران في الالتفاف على العقوبات.
وترى وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس أن السعودية والإمارات وأعضاء آخرين في أوبك لديها طاقة إنتاجية فائضة يمكنها تعويض تراجع صادرات إيران، وهي أيضا عضو في أوبك.
ضغط من أجل إعادة فرض العقوبات
لا تعترف الصين بالعقوبات الأميركية. وتشتري شركات صينية معظم النفط الإيراني. كما أسست بكين وطهران نظاما تجاريا يستخدم في معظم التعاملات اليوان وشبكة من الوسطاء لتجنب الدولار والتعامل مع الهيئات التنظيمية الأميركية.
وقال كيفن بوك، المحلل في شركة كلير فيو إنيرجي، إن إدارة ترامب قد تطبق قانون وقف استقبال النفط الإيراني لعام 2024 للحد من الإمدادات الإيرانية.
ويسمح قانون وقف استقبال النفط الإيراني، الذي لم تطبقه إدارة بايدن بصرامة، باتخاذ تدابير على الموانئ والمصافي الأجنبية التي تعالج النفط المصدر من إيران في انتهاك للعقوبات.
وقال بوك إن الخطوة التي اتخذتها مجموعة موانئ شاندونغ الشهر الماضي، بمنع ناقلات النفط الخاضعة لعقوبات أميركية من الرسو في موانئها في المقاطعة الصينية الشرقية تشير إلى التأثير الذي قد يحدثه القانون.
وأمر ترامب مبعوث واشنطن لدى الأمم المتحدة بالعمل مع حلفاء رئيسيين “لاستكمال إعادة فرض العقوبات والقيود الدولية على إيران”، بموجب اتفاق 2015 بين إيران وقوى عالمية رئيسية، والذي رفع العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وبدأت إيران في عدم الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالبرنامج النووي بموجب الاتفاق. كما حاولت إدارة ترامب في 2020 تفعيل ما يسمى “العودة السريعة” لجميع العقوبات بموجب الاتفاق، لكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رفض الخطوة.
وأبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن في كانون الأول، بأنها مستعدة إذا لزم الأمر لتفعيل العودة السريعة لجميع العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.
وستفقد تلك الدول القدرة على اتخاذ ذلك الإجراء في 18 تشرين الأول عندما ينتهي سريان قرار أصدرته الأمم المتحدة في 2015. ويتعلق القرار بالاتفاق الذي أبرمته إيران مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين، والذي رُفعت بموجبه العقوبات على طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وقال مبعوث إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد عرفاني، إن اللجوء إلى إعادة فرض العقوبات على طهران سيكون “غير قانوني وغير مثمر”.
والتقى دبلوماسيون أوروبيون وإيرانيون في تشرين الثاني وكانون الثاني، لمناقشة ما إذا كان بإمكانهم العمل على تهدئة التوتر الإقليمي، بما يشمل البرنامج النووي لطهران، قبل عودة ترامب إلى السلطة.
نظرة على قطاع الطاقة وبنيته التحتية في إيران
قال مسؤول أميركي، إن الرئيس دونالد ترامب سيعيد فرض سياسة “الضغط الأقصى” على إيران ويخفض صادراتها النفطية إلى الصفر.
إيران هي ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وتنتج نحو 3.3 مليون برميل من النفط يوميا أو ما يعادل 3% من الإنتاج العالمي.
وفيما يلي بعض الحقائق عن قطاع الطاقة في إيران وصادراته وتأثير العقوبات الغربية السابقة:
العقوبات وأوبك
تظهر بيانات أوبك أن إنتاج النفط الإيراني وصل إلى ذروته في سبعينيات القرن الماضي وسجل مستوى قياسيا بلغ 6 ملايين برميل يوميا في 1974، بما يعادل أكثر من 10% من الإنتاج العالمي في ذلك الوقت.
وفرضت الولايات المتحدة في 1979 أول حزمة من العقوبات على طهران وأصبحت إيران منذ ذلك الحين هدفا للعقوبات الأميركية والأوروبية.
وشددت الولايات المتحدة العقوبات في 2018 بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى. وانخفضت صادرات النفط الإيرانية إلى ما يقرب من الصفر خلال بعض الشهور.
وارتفعت الصادرات بشكل مطرد في ظل إدارة الرئيس السابق جو بايدن، إذ قال محللون إن تنفيذ العقوبات كان أقل فاعلية وإن إيران نجحت في الالتفاف عليها.
وإيران معفاة من القيود التي تفرضها أوبك على الإنتاج.
من المشتري الرئيسي للنفط الإيراني؟
ارتفعت صادرات إيران من النفط الخام إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات عدة عند 1.7 مليون برميل يوميا في الأشهر القليلة الماضية، وهو أعلى مستوى منذ 2018، مدفوعة بالطلب القوي من الصين.
وتقول بكين إنها لا تعترف بالعقوبات المفروضة على شركائها التجاريين. والمشتري الرئيسي للنفط الإيراني هو مصافي التكرير التابعة للقطاع الخاص في الصين، والتي لديها انكشاف مالي ضئيل على الولايات المتحدة.
وتمكنت إيران من الالتفاف على العقوبات لسنوات عبر نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى وإخفاء مواقع الناقلات.
الإنتاج والبنية التحتية
تقول شركة إف.جي.إي للاستشارات إن إيران تكرر ما يعادل 2.6 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات وتصدر 2.6 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات ومنتجات التكرير.
ووفقا لشركة إف.جي.إي، تنتج إيران أيضا 34 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا، وهو ما يعادل7% من الإنتاج العالمي. ويجري استهلاك الغاز بالكامل محليا.
وتتركز مرافق إنتاج النفط والغاز الإيرانية بشكل أساسي في الجنوب الغربي، إذ تقع مرافق النفط في إقليم خوزستان والغاز في إقليم بوشهر والمكثفات من حقل بارس الجنوبي العملاق.
وتصدر إيران 90% من نفطها الخام عبر جزيرة خرج.
ويقول محللون إن السعودية وأعضاء آخرين في أوبك يمكنها تعويض انخفاض الإمدادات الإيرانية باستغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة لضخ المزيد من الخام. ومع ذلك، فإن تطبيع العلاقات بين طهران والرياض يشير إلى أن المملكة قد تكون أقل استعدادا للقيام بذلك.