لم تعد الحكومة تستطيع قبول الاختلالات الناجمة عن استمرار العمل في ظل الأنظمة العالمية الراهنة واتفاقيات التجارة الحرة الظالمة التي تقيد حركة الاقتصاد وتعيق تنافسية الصناعة الوطنية بل تعيق تطويرها تحت شعار فتح السوق على مصراعيه.
لماذا نستمر في منح مستوردات كثير من الدول اعفاءات سخية بينما ان تلك الدول تفرض قيودا ورسوما باهظة على صادراتنا؟.
انضم الأردن الى عدد غير محدود من اتفاقيات دولية واخرى للتجارة الحرة وقبل بشروطها لكنها لم يفرض اية شروط ظناً منه أنها سوف تفتح أسواق العالم لصناعاته الصاعدة.
صحيح ان المنتجات الاردنية تصل الى اكثر من ١٠٠ سوق حول العالم لكن بثمن وتكاليف باهظة.
تلك الانظمة الدولية وتلك الاتفاقيات التجارية لا تزال تمنع دعم الصناعة الوطنية بشكل مباشر، بينما ان المنتجات الأوروبية والتركية والخليجية والاميركية تدخل الأردن بدون قيود وهي معفاة بسخاء من الرسوم الجمركية، في ظل انفتاح تجاري تام، مما أدى الى ضعف قدرة المنتجات الاردنية على المنافسة في سوقها الوطني فكيف يمكن لها ان تنافس في اسواق الغير والنتيجة هي اجتياح شامل للسلع
المستوردة في الاسواق المحلية وتضييق الخناق على الصناعة المحلية، في ظل قدرة تلك الدول على دعم صناعاتها في مقابل عدم قدرة الحكومة على دعم صناعاتها الوطنية لقلة المال احيانا ولشروط تفرضها الاتفاقيات الدولية تحرم هذه الصناعات من تلك المزايا.
صحيح ان هناك معاملة بالمثل، ولكن الأردن لا يستطيع الاستفادة منها لوجود قيود أخرى – قواعد المنشأ في الحالة الأوروبية، والدعم غير المحدود في حالة دول الخليج العربي، ورخص الصناعات في دول اسيا وتفوق تكنولوجي لسلع في هذا البلد او ذاك.
يقودنا هذا إلى التفكير بما ان الاوان للتدخل لوضع سياسة صناعية تقرر مبدأ الحماية التدريجية بمعنى فرض رسوم جمركية على سلع مستوردة منتقاة تفرض دولها رسوما جمركية على صادراتنا لنصل في نهاية المطاف الى الحماية التامة لبعض السلع التي ينتجها الأردن. حكومة الدكتور جعفر حسان التي بدأت خطوات جريئة على صعيد تخفيف تكاليف الانتاج لا شك ان لديها تفكير جاد بخطوات مماثلة لاعادة النظر في الاتفاقات التجارية المجحفة التي تجعل صادرات الأردن الى بعض الدول او التجمعات لا تزيد عن ثلث المستوردات منها، وهو وضع شاذ لا يصيب الميزان ?لتجاري باختلالات كبيرة فحسب بل انه يجفف مصادر الاحتياطي الاجنبي.
صحيح ان الأردن بلد صغير، وصادراته (عدا البوتاس والفوسفات) لا تشكل جزءاً مهما من التجارة العالمية، لكن الصحيح ايضا ان دولا اصغر من الاردن تملأ صادراتها الدنيا لانها تخطت قيود المنافسة واخذت مساحات كبيرة لتطوير صناعاتها.
القطاع الصناعي لا زال مهددا واظن ان الرئيس حسان يدرك هذه المسألة جيدا ويعرف تاثيرها السلبي على الاقتصاد الكلي وعلى قطاع الصادرات بشكل خاص، ويعرف مدى اعاقتها لاية استثمارات جديدة في الصناعة عموما ويؤمن بان انتظار تحسن الظروف يعني ضياع الفرص لذلك فاننا ننتظر من حكومته اجراءات جريئة في هذا المجال في قادم الايام.
الرأي