كان هناك حقبة اسمها “الحرب الباردة”، كان عنوانها الأخير سباق التسلح في الفضاء، وانتصر فيها المعسكر الغربي وانهارت المنظومة السوفيتية بالكامل، لندخل عالما جديدا دخل هو بدوره عالما آخر افتراضيا تكنولوجيا مختلفا بكل شيء.
حينها كانت مفاهيم تلك الحرب مفهومة عموما، تفاصيلها معقدة لكنها ليست عصية على الاستيعاب العام.
اليوم، دخلنا في عصر التكنولوجيا الأكثر تعقيدا، تكنولوجيا مبنية على المعرفة وتحمل المعرفة وتنقلها، وهي مبنية على أركان واضحة من تقنية حاسوبية تستخدم الانترنت وعوالم افتراضية وتقنية اسمها تقنية النانو.
حرب اليوم الحقيقية هي تلك الحرب، التفوق في تكنولوجيا المعلومات التقنية.
قبل أسابيع قليلة، تسرب خبر عن العملاق الصناعي التقني الصيني “شاومي” أنهم استطاعوا انتاج شريحة معالجة بدقة 3 نانو. وهذه الشريحة لم يكن متوقعا للصين أن تنتجها قبل سنوات من الآن، لكنها أنتجتها.
المفاجئ في الموضوع أن الصين سحبت كل ما يمكن من أخبار ذلك التسريب حتى لا تتعرض شاومي لعقوبات!! تخيلوا يا رعاكم الله أن الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات على شركة طورت في التكنولوجيا! وهذا ليس غريبا في ظل معرفة أن تلك المعرفة التكنولوجية ستضع الصين في مراحل متقدمة جدا في ثورة تكنولوجيا المعلومات ويعطيها السبق في هذا المجال، وهذا له انعكاساته في حروب “التكنولوجيا” والمعرفة اليوم.
بالتوازي، أعلنت شركة هواوي الصينية، التي تم فرض عقوبات عليها سابقا في إدارة ترامب، أنها أصدرت نظام معالجة خاصا بها خارج إطار النظامين الوحيدين في السوق العالمي: نظام IOS ونظام ANDROID. النظام الجديد او منصة العمليات الجديدة اسمها هارموني. وهي مستقلة عن النظامين المعروفين.
وفي حال أصدرت هواوي أجهزتها ومنتجاتها على النظام الجديد فإن مشغلا جديدا في العالم سيغزوه، ومع حضور تقنية الـ3 نانو في المعالجات والشرائح فإن كثيرا في التكنولوجيا سيتغير، وهنا لا يستطيع عقلي استيعاب أو طرح أكثر من ذلك، لكن ما أستطيع قوله إن العالم مشغول “وبعيدا عنا” في حروب مختلفة، نهاياتها في المحصلة ستكون لصالح الإنسان، نعم حروب تنافسية شديدة وشرسة لكن الإنسان المعاصر هو المستفيد الأول منها.
تلك الحروب الناعمة ستشعل حروبا جانبية ( نعم.. تلك التي نعرفها جيدا)، وستكون هناك كلف دموية واقتصادية كثيرة سيدفعها من هم الأضعف في عالم المعرفة والتكنولوجيا.
ونحن سنظل مشغولين دوما بداحسنا وغبرائنا، وثارات كل ناقة بسوس في تاريخنا الذي نريده مستقبلا لنا.
الغد