خبراء: رفع السلامة المرورية مسؤولية مشتركة

أردني – تتواصل الجهود الوطنية لتعزيز السلامة المرورية في الأردن ضمن مسار متكامل يجمع بين الدراسات العلمية والتشريعات الحديثة والتوعية المجتمعية وتطوير البنية التحتية، في ظل التزايد المستمر بأعداد المركبات وارتفاع الكلفة البشرية والاقتصادية للحوادث.
ويرى خبراء تحدثوا خبراء لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن منظومة السير تواجه اليوم مسؤولية تستدعي عملا مؤسسيا مشتركا يربط بين التحليل الدقيق للبيانات وتأهيل السائقين وتحسين الطرق وتفعيل القانون، إلى جانب حملات توعية لمختلف الفئات، بما يفضي إلى خفض معدلات الحوادث وتغيير السلوكيات الخطرة.
وأشاروا إلى أن نجاح أي استراتيجية مرورية يعتمد على وعي السائقين، ودور المؤسسات التعليمية والإعلامية في ترسيخ السلوك المسؤول، مؤكدين أهمية الرقابة على الطرق وتطوير البنية التحتية وتفعيل التقنيات الحديثة في الضبط المروري، ولا سيما بين فئة الشباب الأكثر تورطا في الحوادث.
وقال مدير المعهد المروري الأردني المقدم علاء المومني إن المعهد يؤدي دورا محوريا في تحسين منظومة السلامة عبر خطط تستند إلى التحليل العلمي للبيانات بما ينسجم مع الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية 2024- 2028.
وأوضح أن عمل المعهد يرتكز على ثلاثة محاور مترابطة تشمل الدراسات والمسوحات المرورية، والتدريب المتخصص، والتوعية والتثقيف، بهدف التعامل مع الحوادث كقضية شاملة لا كأرقام منفصلة.
وبين المومني أن الدراسات المرورية تمثل نقطة الانطلاق كونها تكشف مواقع وأنماط الخطورة وتنتج بيانات دقيقة تحول إلى برامج تدريبية مبنية على تحليل الأخطاء وتوقع المخاطر، مشيرا إلى أن هذه الدراسات ترفد التخطيط الوطني بتوصيات واقعية قائمة على الأدلة.
وفي محور التدريب، لفت إلى تأهيل السائقين والكوادر الشرطية باستخدام أساليب محاكاة حديثة، فيما يركز محور التوعية على حملات وطنية وبرامج موجهة للمدارس والجامعات وتطوير محتوى رقمي يسهل وصوله للمجتمع.
وأكد المومني أن تأثير المعهد امتد عبر شراكات واسعة مع الوزارات والجامعات والمؤسسات المختصة، مثل حملة “بهمة وعزيمة لبيئة مرورية سليمة” مع وزارة التربية، وتحديد مواقع الخطورة بالتعاون مع الأشغال وأمانة عمان، وإعادة تحديد السرعات بالتنسيق مع وزارة الداخلية، بما يدعم جهود المجلس الأعلى للسلامة المرورية ويحول المعرفة إلى أثر وطني يهدف لإنقاذ الأرواح.
من جهته قال رئيس الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس وفائي مسيس إن السلامة المرورية في الأردن ما تزال ضمن مستويات معتدلة عالميا، مشيرا إلى ضرورة تعزيز الجهود الرسمية والمجتمعية في ظل تنامي أعداد المركبات التي تجاوزت مليوني مركبة.
وبين أن الأردن يسجل نحو 5 وفيات لكل 100 ألف نسمة، وهو مستوى قريب من بعض الدول المتقدمة، فيما تشكل الحوادث عالميا “جائحة غير معلنة” تتسبب بوفاة مليون و190 ألف شخص سنويا.
وأوضح مسيس أن منظومة السلامة تعتمد على ثلاثة عناصر تشمل الهندسة المرورية والتشريعات والتوعية المجتمعية، مؤكدا أن ارتفاع أعداد المركبات يزيد احتمالات الحوادث ما يتطلب جاهزية البنية التحتية وتفعيل القوانين.
وأضاف أن الجمعية تعقد ورشات ومحاضرات تستهدف الطلبة والجامعات والمجتمع، وقد وقعت اتفاقيات مع الجامعات الحكومية والخاصة لتعزيز التدريب والبحث العلمي بالتعاون مع إدارة السير.
بدوره، أكد المستشار في قطاع النقل طارق عبيدات أن كلفة الحوادث تجاوزت 958 مليون دينار ما يشكل 2.8 بالمئة من الناتج المحلي، مشددا على ضرورة التعامل مع الملف كأولوية وطنية.
وأوضح أن 97.1 بالمئة من الحوادث سببها السائق وأن الفئة العمرية 18–35 هي الأكثر تورطا وتبلغ نسبة وفيات المشاة 42 بالمئة ما يعكس خللا مرتبطا بثقافة استخدام الطريق وليس بالنصوص القانونية.
وأشار عبيدات إلى أن الأردن قطع شوطا مهما في التشريعات من خلال المجلس الأعلى للسلامة المرورية والاستراتيجية الوطنية وتفعيل نظام النقاط والتوسع في الرقابة بالكاميرات، لكنه شدد على ضرورة ترجمة هذه المنظومة إلى تنفيذ فعلي يشمل معالجة النقاط السوداء وتحسين البنية التحتية وتطبيق القانون بعدالة.
وفي السياق ذاته، قال الخبير في قطاع النقل الدكتور المهندس إبراهيم الشخانبة إن ما تحقق خلال السنوات الماضية يعد خطوة أولية تتطلب تنسيقا أكبر بين الجهات المعنية، لافتا إلى أن تشتت الأولويات ما يستدعي ربط عمل المؤسسات بخطط تنفيذية ملزمة.
وأكد الشخانبة أهمية تلازم تغليظ العقوبات مع تحسين وسائل السلامة على الطرق، لافتا الى أن ضعف الثقافة المرورية وعدم مواءمة البنية التحتية مع الارتفاع المتواصل في عدد المركبات ما يزالان يمثلان فجوة مؤثرة.
وأشار إلى فرص تحسين السلامة من خلال وضع خطط واضحة للتعامل مع التوسع في الدراجات النارية، واعتماد دورات إلزامية للراغبين في رخص القيادة، وإجراء اختبارات خاصة لسائقي التطبيقات الذكية، ومراجعة الشواخص والسرعات والمطبات، وتفعيل العقوبات على مكرري المخالفات، إضافة إلى تزويد حافلات النقل العام بأنظمة تتبع وكاميرات لحماية الركاب.



