خطة تنفيذية لتطوير مناهج كليات الأعمال بالجامعات بدءًا من 2025/2026

أردني – أكد متحدثون أن تطوير مهارات طلبة كليات الأعمال في الجامعات، بما يتماشى مع متطلبات القطاع المالي والمصرفي، أصبح ضرورة ملحّة، مشدّدين على أهمية ربط المناهج الأكاديمية بالتطبيق العملي.
وأشاروا، في جلسة حوارية عقدتها جمعية البنوك، اليوم الأربعاء في مقرها، لمناقشة واقع سوق العمل في القطاع المصرفي وربطه بمخرجات التعليم العالي، بمشاركة عدد من عمداء كليات الأعمال والاقتصاد والإدارة في الجامعات الأردنية، إلى وجود فجوة متنامية بين مهارات الخريجين ومتطلبات القطاعات الإنتاجية والخدمية، وعلى رأسها القطاع المصرفي.
ودعوا إلى ضرورة سدّ الفجوة بين الجانبين النظري والعملي من خلال شراكات محلية ودولية للبحث عن الممارسات الفضلى في سوق العمل، مبيّنين أن القطاع المصرفي في الأردن يشهد تحوّلات جذرية على مستوى التشغيل والتوظيف، نتيجة التغيرات التكنولوجية المتسارعة والاتجاهات العالمية نحو الاقتصاد الرقمي.
وقال رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، الدكتور ظافر الصرايرة، إن الهيئة أقرّت حزمة إجراءات لمواءمة مخرجات كليات الأعمال والاقتصاد والعلوم المالية والإدارية في الجامعات مع احتياجات سوق العمل، في ضوء فجوة متنامية بين مهارات الخريجين ومتطلبات القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وأضاف أن الهيئة وضعت خطة تنفيذية قصيرة ومتوسطة الأمد، سيبدأ العمل بها في العام الجامعي 2025/2026، تضمنت ثلاثة محاور رئيسة؛ أولها إدخال مساقات جديدة تركز على الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتحليل البيانات، واعتماد وثائق مكمّلة للخطط الدراسية توضّح المهارات المستهدفة ونِسَب المكون التطبيقي، إلى جانب إدخال مشاريع تطبيقية في كل برنامج تتضمن عملًا ميدانيًا مع شركات ومؤسسات، وتنفيذ خطط تدريب ميدانية ضمن نموذج التعليم الثنائي، يخصص من 40 إلى 50 بالمئة من وقت الطالب في مؤسسات سوق العمل.
أما المحور الثاني، وهو جودة المخرجات والبيئة التعليمية، فأوضح الصرايرة أن الهيئة ستعتمد منصة خاصة لتتبع السمعة التوظيفية للبرامج من خلال تغذية راجعة من أصحاب العمل، إلى جانب إنشاء منصة لمتابعة الخريجين لقياس نسب التوظيف.
ولفت إلى أن الإجراءات تشمل إشراك القطاعات الخاصة في مراجعة البرامج، واعتماد نماذج التعلّم بالمشروعات، ودعم المختبرات والمنصات الرقمية المساندة، وإعداد تصنيف أردني للبرامج الأكاديمية سيُنجَز في الربع الأول من عام 2026، ليُستخدم لاحقًا كأداة مرجعية رسمية عند طلب الترخيص أو اعتماد البرنامج.
وفيما يتعلّق بالمحور الثالث، الخاص بالكوادر الأكاديمية والطلبة، شدّد الصرايرة على أهمية تأهيل أعضاء هيئة التدريس، من خلال تشجيعهم على الالتحاق بدورات تخصصية، وتقديم خطط ابتعاث للجامعات العالمية، لافتًا إلى أن الهيئة ستُشجّع الجامعات على إشراك خبراء من القطاع الخاص في التدريس، رغم التحديات التي تفرضها الفجوة بين الرواتب الأكاديمية والقطاعية.
كما سيجري إدراج الشهادات المصغّرة ضمن متطلبات الخريج، مع إمكانية معادلتها بمساقات أكاديمية داخل الخطة الدراسية، إذا استوفت معايير الهيئة.
وأكد الصرايرة أن الهيئة ستبدأ تطبيق هذه الإجراءات بدءًا من العام الجامعي 2025/2026، وسيُربط إصدار قرارات الاعتماد والقبول بعدد من المعايير، منها: نسبة التوظيف، والسمعة التخصصية، ونتائج الخريجين في سوق العمل، ومدى استجابة الجامعات لتوصيات القطاع الخاص.
وأشار إلى أن الخطط الدراسية الجديدة سيتم اعتمادها قبل 28 أيلول من العام المقبل، لتُطبَّق على الطلبة الجدد في العام ذاته.
وقال نائب محافظ البنك المركزي، الدكتور خلدون وشاح، إن تطوير مهارات خريجي الجامعات بما يتماشى مع متطلبات القطاع المالي والمصرفي ضرورة ملحّة، مشدّدًا على أهمية ربط المناهج الأكاديمية بالتطبيق العملي من خلال مختبرات متخصصة داخل الجامعات، وتوفير بيئة تدريب حقيقية تمكّن الطلبة من التعامل مع أنظمة مالية ومصرفية واقعية.
وأوضح أن البنك المركزي وقّع اتفاقيات تعاون متعددة مع جامعات محلية، وأن لديه برامج تدريب متقدمة تشمل مختلف التخصصات ذات الصلة، مشيرًا إلى أن حجم التدريب المقدّم في البنك “يفوق ما قد يتصوره البعض”، وأن أبواب البنك مفتوحة لتوسيع نطاق التعاون مع الجامعات، بما في ذلك تبادل الخبرات والأنظمة.
وأشار وشاح إلى أن للقطاع الخاص دورًا حيويًا في دعم إنشاء هذه المختبرات، عبر التبرع بأنظمة أو أدوات تسهّل ربط الجانب الأكاديمي بالتطبيق الفعلي، مؤكّدًا أن “هناك حاجة ماسّة لأن تكون مخرجات التعليم مواكبة لتطلعات السوق”.
كما أشار إلى أهمية وجود إطار تنظيمي واضح يضبط العلاقة بين القطاع المالي والمؤسسات الأكاديمية، ويراعي حقوق جميع الأطراف، ويضمن مواءمة السياسات التعليمية مع أولويات الاقتصاد الوطني.
وقال المدير التنفيذي لجمعية البنوك، الدكتور ماهر المحروق، إن القطاع المصرفي في الأردن يشهد تحولات جذرية على مستوى التشغيل والتوظيف، نتيجة التغيرات التكنولوجية المتسارعة والاتجاهات العالمية نحو الاقتصاد الرقمي، مؤكّدًا أن البنوك تتجه بشكل متسارع نحو تعزيز الأدوار التقنية والتحليلية على حساب الوظائف التشغيلية التقليدية.
وأضاف، خلال عرضه نتائج دراسة أعدّتها الجمعية في أيار 2024، أن التغيرات في سوق العمل العالمي تنعكس مباشرة على واقع التوظيف في القطاع المصرفي الأردني، مشيرًا إلى أن تقرير “مستقبل الوظائف 2025″، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، توقّع استحداث 170 مليون وظيفة جديدة عالميًا، مقابل اختفاء 92 مليون وظيفة، بصافي نمو يبلغ 78 مليون وظيفة، معظمها تتطلب مهارات تقنية متقدمة وقدرة عالية على التكيّف والتعلّم المستمر.
وأكد أن القطاع المصرفي الأردني هو الأقدر من بين القطاعات الاقتصادية على قيادة عملية التحول الرقمي، بسبب قدرته الاستثمارية العالية، وطبيعة ارتباطه الوثيق بالتشريعات والمعايير الدولية، مشيرًا إلى أن البنوك الأردنية ملتزمة بتطبيق متطلبات الحوكمة، ومكافحة غسل الأموال، والامتثال المالي، مما يتطلب كوادر مؤهلة تقنيًا وإداريًا.
وأشار المحروق إلى أن لدى البنوك توجّهًا قويًا لتوظيف خريجي التخصصات التقنية، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإدارة البيانات، والتحليل المالي.
وقال مدير عام معهد الدراسات المصرفية، الدكتور رياض الهنداوي، إن عدد المتدربين الملتحقين ببرامج المعهد على مدار السنوات الماضية تجاوز 140 ألفًا من العاملين في البنوك والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى الخريجين الجدد.
ولفت إلى أن المعهد هو أول مؤسسة تدريبية أردنية تحصل على اعتماد دولي من مجلس اعتماد التعليم والتدريب المستمر في الولايات المتحدة، وثاني معهد مصرفي عربي يحقّق هذا الإنجاز.
وأوضح أن جميع المدربين في المعهد هم من كوادر القطاع المصرفي والمالي العاملة، وليسوا أكاديميين تقليديين، ما يمنح التدريب طابعًا واقعيًا مرتبطًا بالمهارات المطلوبة فعليًا في بيئة العمل البنكي.
ومن جانبه، قال المدير التنفيذي للتقنية في شركة المدفوعات الأردنية (JOPACC)، عبدالله الطويقات، إن الخريجين الجدد في كليات الأعمال والاقتصاد بحاجة ماسّة إلى اكتساب مهارات تقنية متخصصة تواكب تحوّلات القطاع المالي، مشيرًا إلى أن الرقمنة المتسارعة في النظام المصرفي الأردني تُحتم ردم الفجوة بين مخرجات التعليم وواقع سوق العمل.
وأضاف: “كل وظيفة مصرفية اليوم، من الخزينة إلى التدقيق والمخاطر، تعمل من خلال الشيفرات البرمجية، والواجهات البرمجية، والبيانات اللحظية، ومن لا يُتقن هذه الأدوات لن يكون مؤهلاً للتعامل مع النظام المالي الحديث الذي بات يعتمد كليًا على الحلول الرقمية”.
وقالت مديرة تطوير المهارات والتعليم الرقمي في وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، أميرة قرقش، إن التوجهات الحديثة في تطوير كفاءات الطلبة الأردنيين أصبحت اليوم أكثر تكاملاً وتوافقًا مع متطلبات سوق العمل، لا سيما في القطاع المصرفي وقطاع التكنولوجيا، مؤكدة أن الحكومة تسعى إلى إيجاد منظومة تعليمية مرنة ومدعومة، تربط الخريج مباشرة بفرص العمل والمهارات الرقمية المتقدمة.
وأكدت أن وزارة الاقتصاد الرقمي لديها مذكرات تفاهم نشطة مع 21 جامعة أردنية، تشمل كليات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والأعمال، لإدماج المهارات الرقمية ضمن الخطط الدراسية، وتعزيز جاهزية الطلبة لسوق العمل، مشيرة إلى أن هذا التوجّه يحظى بدعم مباشر من هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، التي أصدرت تعليمات واضحة للجامعات بضرورة مواءمة المخرجات التعليمية مع متطلبات السوق.
وأضافت أن هذه الجهود تأتي ضمن إطار مشروع “الشباب والتكنولوجيا والوظائف”، الذي تنفذه الوزارة بدعم من البنك الدولي، ويشمل أيضًا التعاون مع جمعية المهارات الرقمية.
ولفتت إلى أن البرنامج المهني المتخصص، الذي تنفذه الوزارة بالتعاون مع مبادرة “إنجاز” وجمعية “إنتاج”، لا يقتصر على دعم التدريب، بل يشمل كذلك توفير فرص تشغيل بعد التخرج، مؤكدة أن هناك نظامًا لتتبع أثر خريجي الجامعات من حيث قدرتهم على تحقيق دخل مستدام، سواء عبر التوظيف التقليدي أو العمل الحر أو ريادة الأعمال.