
أردني – مع اقتراب عيد الجلوس الملكي، تتجدد معاني الوفاء والاعتزاز بنهج جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يواصل منذ 26 عاما ترسيخ رؤيته في دعم ورعاية الفئات الأكثر احتياجا، وفي مقدمتهم ذوو الإعاقة وخاصة الأطفال منهم، عبر مؤسسات متخصصة، وأطر قانونية تعزز حقوقهم، وتوفر لهم بيئة حاضنة وآمنة تُمكنهم من تطوير طاقاتهم، والمشاركة الفاعلة في المجتمع.
وحرص جلالته منذ جلوسه على العرش على تعزيز حقوق هذه الفئات من خلال مبادرات ومكارم ملكية، ودعم المؤسسات المعنية بالرعاية الاجتماعية والتعليمية والتأهيلية، وتطوير تشريعات وطنية ترسخ مفهوم العدالة والدمج والمساواة، لتبقى الرؤية الوطنية والإنسانية حجر الأساس في بناء مجتمع منصف، انطلاقًا من أن رعاية الأطفال وذوي الإعاقة ليست خيارا، بل واجبا وطنيا وإنسانيا.
ويؤكد جلالة الملك دوما أن بناء بيئة حاضنة وداعمة للأطفال وذوي الإعاقة هو حجر الأساس لتحقيق طموحاتهم، مشددًا على أن حقوقهم تمثل أولوية وطنية، تستوجب تكاتف الجهود، من أجل مستقبل يتيح لكل فرد حياة كريمة، ومشاركة فاعلة في بناء الوطن.
مسؤولون وخبراء أكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن اهتمام ودعم جلالة الملك عبدالله الثاني المتواصل، أسهما في ترسيخ برامج متكاملة لرعاية الأطفال وذوي الإعاقة، في مشهد يجسد التزامه الراسخ بمبادئ التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
وقال أستاذ العلوم التربوية بجامعة آل البيت الدكتور إحسان غديفان الخالدي، إن التوجيهات الملكية السامية أحدثت نقلة نوعية في منظومة التعليم والتأهيل الموجهة للأطفال ذوي الإعاقة، من خلال دعم إنشاء مراكز متخصصة، وتبني استراتيجيات تعليم دامجة، وتحديث برامج التدخل المبكر بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مما مكن العديد منهم من الالتحاق بمراحل التعليم المختلفة، وتحقيق درجات من الاستقلالية والإنجاز، موضحا أن اهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني المتواصل يجسد رؤية إنسانية متقدمة تؤمن بأن العدالة الاجتماعية تبدأ من تمكين الفئات الأكثر احتياجًا، وبأن المجتمع لا ينهض إلا بتكافؤ الفرص واحتضان التنوع.
وأشار إلى أن رؤية جلالة الملك في تأهيل الكوادر البشرية تشكل ركيزة أساسية لبناء الدولة الحديثة، إذ تؤكد على أن الإنسان هو محور التنمية الشاملة، مما انعكس على السياسات الوطنية التي ركزت على تطوير قدرات العاملين، خصوصًا في الخدمات الاجتماعية، لضمان توفير بيئة تعليمية دامجة للأطفال ذوي الإعاقة تقوم على التمكين والشمول.
وبين الخوالدة أن السياسات والتشريعات الوطنية الأردنية في مجال الإعاقة استندت إلى الرؤية الملكية، التي تضع كرامة الإنسان وحقوقه المتأصلة في صلب عملية التنمية، حيث انعكست هذه الرؤية في انتقال الخطاب الرسمي من “الرعاية إلى التمكين”، ومن “العزل إلى التعليم الدامج”، من خلال تبني الأردن لنهج شامل يعزز التعليم الدامج ويعترف بالتنوع البشري كمصدر قوة.
كما ذكر أن رؤية جلالته أسهمت في صياغة وتوفير الاستراتيجيات الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتطوير التشريعات، وعلى رأسها قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الأردني رقم 20 لسنة 2017، الذي يعد من أكثر القوانين تقدمًا في المنطقة، مشيرا إلى أن القانون ألزم المؤسسات التعليمية بتوفير بيئات دامجة، وتكييف المناهج وأساليب التدريس، وتدريب المعلمين، بما يضمن حق الأطفال ذوي الإعاقة في التعليم على قدم المساواة.
وعلى الصعيد المجتمعي، أكد الخوالدة أن التوجيهات الملكية دعمت مبادرات إعلامية ومجتمعية هدفت إلى إعادة تشكيل وعي المجتمع تجاه الإعاقة، باعتبارها اختلافًا طبيعيًا وليس عجزًا، مما ساعد على تقليص الوصمة وتعزيز القبول، وقيام العديد من المؤسسات الحكومية والتطوعية والخاصة بتوفير نماذج تطبيقية لبرامج تعليم دامجة وتأهيل أثبتت فاعليتها، حيث أسهمت هذه السياسات في ترسيخ ثقافة الحقوق والمشاركة، ودفع المجتمع نحو تحول تدريجي من النظرة الخيرية إلى الشراكة الحقيقية، مما يجسد جوهر الرؤية الملكية في بناء مجتمع منفتح، متكافئ وعادل يخدم الجميع.
من جهتها، قالت مديرة مركز البنيات للتربية الخاصة بهية مسك، إن الزيارة التي قام بها جلالة الملك عبد الله الثاني مؤخرا للمركز، تُعد محطة مفصلية في مسيرة المركز، موضحة أن الاهتمام الملكي بمراكز الرعاية يجسد التزام جلالته الراسخ بتحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز ادماجهم في المجتمع من خلال إتاحة فرص متكافئة تضمن لهم حياة كريمة.
وذكرت أن اهتمام جلالة الملك بمراكز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة يسهم برفع الروح المعنوية لدى الطلبة وأسرهم، ويشعرهم بأنهم في قلب الأولويات الوطنية؛ مما يعزز الثقة في المستقبل ويبعث برسائل واضحة حول أهمية رعاية وتمكين فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، ويشكل دفعة قوية نحو تعزيز الدعم المؤسسي للمراكز من مختلف الجهات المعنية.
وأكدت مسك أن الدعم الملكي يشكل عاملًا حاسمًا في ضمان استدامة عمل المراكز، وتطوير برامجها وإمكانياتها، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات التربوية والعلاجية المقدمة لأبنائنا الطلبة، ويسهم في تمكينهم من الانخراط الفعّال في المجتمع.
من جهته قال مدير مؤسسة حرير للتنمية المجتمعية نهاد الدباس، إن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم وتمكين الأطفال وذوي الإعاقة، تشكل مصدر إلهام رئيسي لأعمال وبرامج المؤسسة، مؤكدًا أن جلالة الملك يمثل نموذجًا عالميًا في القيادة الإنسانية، لا سيما في تبنيه لقضايا الفئات الأكثر احتياجًا.
وذكر أن مشاركة جلالته في القمة العالمية للإعاقة، التي عقدت في برلين بشهر نيسان الماضي، حملت رسائل واضحة للعالم بضرورة الشمولية، وتمكين الجميع من الإسهام في تنمية مجتمعاتهم، من خلال إزالة الحواجز وتوفير بيئات دامجة ومحفزة، مؤكدًا أن مؤسسة حرير تنظر إلى هذه التوجيهات الملكية بوصفها خارطة طريق في تصميم برامجها، و أن جهود المؤسسة تتركز على دمج الأطفال وذوي الإعاقة في المجتمع، وتعزيز إحساسهم بأنهم شركاء فاعلون في بناء الأردن الحديث.
ومع مرور السنوات منذ الجلوس الملكي عام 1999، ومبادئ العدالة والدمج تتجذر في نهج الدولة، بفضل رؤية ملكية تؤمن بأن بناء الوطن يبدأ من تمكين الإنسان، لا سيما الفئات الأكثر احتياجًا.