رئيسيمقالات

غزة تضمد جراحها.. وخليل الحية يتنكر لدور الأردن

رائد أبو عبيد – في يومٍ تاريخي، حيث أعلن عن توقفَ أصوات المدافع وانتهاء أصوات الصواريخ والزنانة، أعلنت غزة انتصارها، انتصارٌ جاء بعد معاناة طويلة، وبعد تضحيات جسام من أبنائها الذين وقفوا صامدين في وجه العاصفة.

غزة، هذه المدينة الصامدة التي لا تُقهر، تعود مجددًا لتصنع نصراً جديداً بعد أيام عصيبة من العدوان الإسرائيلي، توقف القصف، وأعلن عن توقف الحرب، وامتلأت الشوارع بالتكبيرات، وأصبح الناس يحتفلون بما يشبه هدنة النصر، وسط هذا الزخم، أطل علينا خليل الحية، أحد قيادات حركة حماس، بخطاب كان ينتظره الجميع ليُعبر عن شكر وامتنان لكل من وقف إلى جانب غزة خلال محنتها، ولكن، كما يقول المثل: (لكل جواد كبوة)، جاءت كلمات الخطاب مليئة بالحماس… ولكنها افتقرت إلى (حماس الشكر).

ففي خطاب النصر الذي ألقاه خليل الحية الذي يبدو أنه خطه على عجل شكر الحلفاء القريبين والبعيدين، وتحدث عن الصمود الفلسطيني الذي لا ينكسر، كانت الكلمات تفيض بالفرح والفخر، لكنها كانت تفتقد إلى شيءٍ مهم: كلمة شكرٍ للأردن الذي لم يبخل يومًا بدعمه للقضية الفلسطينية ولغزة، بقيادته وحكومته وشعبه، والذي وقف كعادته موقف الأخ، يرسل المساعدات، ويفتح المستشفيات لاستقبال الجرحى، ويرفع صوته في كل المنابر الدولية دفاعًا عن الحق الفلسطيني. ومع ذلك، لم يحظَ حتى بعبارة (شكرا) صغيرة في خطاب الحية.

لقد كان موقف الأردن واضحاً وصريحاً، حيث دعا إلى وقف الحرب وحماية المدنيين، وقدم المساعدات الإنسانية عبر معبر الكرامة، بل وفتح أبوابه للجرحى والمحتاجين. ومع ذلك، يبدو أن كلمة (شكراً) كانت غائبة عن قاموس الخطاب السياسي لحماس في ذلك اليوم.

ولا ننسى بالطبع أن حماس كانت مشغولةً بترتيب أولوياتها في الخطاب، حيث كان عليها أن تشكر كل من وقف معها، من دولٍ وأحزابٍ ومنظمات، لكن يبدو أن الأردن، لسببٍ ما، لم يجد مكانه في قائمة الشكر هذه، ربما كان الأمر مجرد سهو، أو ربما كان هناك اعتقادٌ بأن الأردن “يفهم” ولا يحتاج إلى شكر، او ربما كان تنكراً مقصوداً لدور الأردن العظيم بمساندة اشقائه في غزة وهنا الكارثة!

لكن، دعونا لا ننسى أن الدبلوماسية، حتى في لحظات الانتصار، تحتاج إلى لمسة من الذوق والاعتراف بالجميل، فالشكر ليس مجرد كلمة، بل هو اعترافٌ بالدعم والتضامن في أصعب الأوقات. والأردن، بكل تأكيد، يستحق أكثر من مجرد إشارة عابرة.

في النهاية، نتمنى أن تكون هذه السهوة مجرد هفوة صغيرة في بحرٍ من الخطابات التي ستأتي لاحقا، فغزة انتصرت، وهذا هو الأهم، ولكن لا بأس أن نذكر أنفسنا بأن الشكر لا يكلف شيئًا، بل يضيف إلى الانتصار لمسةً من الإنسانية والوفاء، وربما، في المستقبل، تحتاج حماس إلى ورقة ملاحظات صغيرة بجانبها أثناء الخطابات، تُذكرها بمن وقف معها وبمن يستحق أن يُشكر. فالشكر، كما يقول الحكماء، لا يُكلف شيئًا لكنه يعني الكثير.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى