فوز ترامب يختبر حدود سلطات الرئاسة وهاريس تقر بالهزيمة
أردني – استعاد دونالد ترامب السيطرة على البيت الأبيض بفوز ساحق الأربعاء، مع غض عشرات الملايين من الأميركيين الطرف عن الإدانات الجنائية بحقه وخطابه المثير للانقسام ليختاروا رئيسا سيختبر حدود سلطات المنصب إذا نفذ وعود حملته الانتخابية.
وفاز ترامب (78 عاما) بالانتخابات التي جرت الثلاثاء، بعد حملة أثارت حالة من الاستقطاب وشهدت محاولتين لاغتياله وقرارا متأخرا من الحزب الديمقراطي بترشيح كامالا هاريس بعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق في تموز.
وفي خطاب اعترافها بالهزيمة، سعت هاريس إلى مواساة الناخبين الذين كانوا يأملون في أن تصبح أول امرأة تصل إلى البيت الأبيض.
وقالت “لا تيأسوا. هذا ليس الوقت المناسب للاستسلام. هذا هو الوقت المناسب للتشمير عن سواعدنا والعمل بجد”.
وأضافت أنها اتصلت بترامب لتهنئته ووعدته بالمساعدة في عملية انتقال السلطة. لكنها لم تبد استعدادا لتبني رؤيته للولايات المتحدة.
وقالت “بينما أقر بالهزيمة في هذه الانتخابات، فلن أتنازل عن الكفاح الذي غذّى هذه الحملة.. الكفاح من أجل الحرية والفرص والعدالة وكرامة جميع الناس”.
ويخطط بايدن لإلقاء كلمة للأمة في الساعة 11 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (16:00 بتوقيت غرينتش) الخميس. وقال البيت الأبيض إن بايدن ملتزم بانتقال سلس للسلطة من الآن وحتى تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني.
وقالت حملة ترامب إن بايدن اتصل بترامب لتهنئته ودعوته إلى اجتماع في البيت الأبيض في وقت لم يتحدد بعد.
وأوضح انتصار ترامب الساحق مدى خيبة أمل الأميركيين في الاقتصاد وأمن الحدود والمسار الذي تسلكه البلاد وثقافتها. وطالب الناخبون بتغيير، حتى ولو كان القائم عليه مدانا خضع للمساءلة مرتين أثناء الرئاسية ولم يعد الشخص الذي جاء من خارج المؤسسة في واشنطن مثلما كان في حملته الانتخابية عام 2016.
وقال ترامب إنه يريد أن تكون في يده سلطة إقالة موظفين حكوميين الذين يعتبرهم غير مخلصين. ويخشى معارضوه من أن يحول وزارة العدل وغيرها من وكالات إنفاذ القانون الاتحادية إلى أسلحة سياسية للتحقيق مع من يتصور أنهم أعداؤه.
ووعد ترامب بأدوار في إدارته للرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، والمرشح الرئاسي السابق روبرت إف. كنيدي الابن.
وقدم ماسك ما لا يقل عن 119 مليون دولار لمجموعة مؤيدة لترامب، مما منحه نفوذا استثنائيا لمساعدة شركاته في الحصول على معاملة حكومية مواتية.
وخالفت النتيجة استطلاعات الرأي التي أظهرت منافسة متقاربة قبل يوم الانتخابات الثلاثاء. فقد حصد ترامب ما لا يقل عن خمس ولايات حاسمة ليتجاوز عدد أصوات المجمع الانتخابي البالغ 270 اللازمة للفوز بالرئاسة. ويتجه على ما يبدو إلى الفوز في ولايتي أريزونا ونيفادا المتبقيتين حيث لا تزال عملية إحصاء الأصوات جارية.
وترامب على المسار الصحيح ليصبح أول مرشح رئاسي جمهوري يفوز بالتصويت الشعبي منذ جورج بوش الابن قبل عقدين.
كما انتزع رفاقه الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ من الديمقراطيين ولديهم فرصة لتعزيز أغلبيتهم الضئيلة في مجلس النواب، على الرغم من أن النتيجة لن تتضح على الأرجح إلا قبل بضعة أيام.
وقال ميتش مكونيل الذي يتزعم الجمهوريين في مجلس الشيوخ منذ فترة طويلة “كان يوما رائعا جدا”.
ومن شأن سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس أن تفسح المجال أمام تبني جانب كبير من تشريعات ترامب، مثلما حدث في العامين الأولين من رئاسته السابقة بين 2017 و2021 حين نجح الجمهوريون في إقرار مشروع قانون رئيسي لخفض الضرائب في الكونغرس مما أفاد الأثرياء أساسا.
وقال ترامب في وقت سابق الأربعاء، لأنصاره في مركز مؤتمرات مقاطعة بالم بيتش في فلوريدا “منحتنا أمريكا تفويضا قويا وغير مسبوق”.
وارتفعت أسواق الأسهم الرئيسية في جميع أنحاء العالم بعد فوز ترامب، ويقترب الدولار من تحقيق أكبر مكسب يومي منذ عام 2020.
التغلب على الصعاب
وفاز ترامب على الرغم من تدني شعبيته باستمرار خلال الحملة كما وجهت إليه اتهامات جنائية أربع مرات، وأُدين بالمسؤولية المدنية عن اعتداء وتشهير. وفي أيار أدانت هيئة محلفين في نيويورك ترامب بتهمة تزوير سجلات تجارية للتستر على دفع أموال لشراء صمت نجمة أفلام.
وبدا أن مسيرة ترامب السياسية انتهت بعد أن أدت اتهاماته الكاذبة بشأن تزوير الانتخابات إلى قيام حشد من أنصاره باقتحام مبنى الكونغرس في السادس من كانون الثاني 2021، في محاولة فاشلة لتغيير نتيجة انتخابات 2020 التي مني فيها بالهزيمة أمام الرئيس جو بايدن. ووجه المدعون الاتحاديون إليه اتهامات على الرغم من أن هذه القضية وغيرها من القضايا الجنائية ضده ستُحفظ الآن.
وأطاح ترامب بمنافسيه داخل حزبه الجمهوري ثم تغلب على المرشحة الديمقراطية هاريس مستغلا مخاوف الناخبين من ارتفاع الأسعار وما قاله، دون دليل، عن ارتفاع معدلات الجريمة بسبب الهجرة غير الشرعية.
وسيكون لفوز ترامب تأثيرات كبيرة على سياسات التجارة وتغير المناخ والضرائب والهجرة وسياسات الولايات المتحدة الخارجية بما في ذلك في الشرق الأوسط وأوكرانيا.
وقال مكتب بنيامين نتنياهو إن رئيس الوزراء الإسرائيلي هنأ ترامب على الفوز. وأضاف المكتب في بيان أنهما ناقشا “التهديد الإيراني” وضرورة العمل معا لصالح أمن إسرائيل.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إن الانتخابات شأن يخص الشعب الأميركي، لكنها دعت إلى إنهاء “الانحياز الأعمى” من واشنطن لإسرائيل.
ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بما وصفه بالتزام ترامب “بالسلام من خلال القوة”، في حين قال الكرملين إنه سينتظر ليرى ما إذا كان فوزه يمكن أن يساعد في إنهاء الحرب في أوكرانيا بشكل أسرع. وقال ترامب أثناء حملته الانتخابية إن بوسعه إنهاء الحرب خلال 24 ساعة، لكنه لم يطرح خطة مفصلة.
ويقول خبراء اقتصاد إن مقترحات ترامب بشأن الرسوم الجمركية قد تشعل حربا تجارية أشد ضراوة مع الصين وحلفاء الولايات المتحدة، في حين أن تعهداته بخفض الضرائب على الشركات وتطبيق سلسلة من التخفيضات الجديدة قد تؤدي إلى تضخم الدين الأميركي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في بيان في وقت متأخر من الأربعاء “نحترم اختيار الشعب الأميركي ونهنئ السيد ترامب على انتخابه رئيسا”.
وأجرى ترامب أيضا مكالمة هاتفية مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول تعهدا فيها بالالتقاء قريبا وتبادلا المخاوف بشأن نشر كوريا الشمالية قوات تدعم روسيا في الحرب على أوكرانيا واستفزازات بيونجيانج العسكرية المستمرة. وقال يون لاحقا للصحفيين إن حكومته ستعمل مع إدارة ترامب لبناء شراكة أمنية “مثالية”.
وربما تكون فترة ترامب الرئاسية الثانية سببا في اتساع هوة الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين على قضايا مثل العرق والجنس والمواد التعليمية وطريقة تقديمها للأطفال وحقوق الإنجاب.
وتعهد ترامب بإطلاق حملة ترحيل جماعي تستهدف المهاجرين غير الشرعيين في البلاد.
وساعد الناخبون المنحدرون من أميركا اللاتينية، وهم مؤيدون للديمقراطيين عادة، والأسر ذات الدخل المنخفض، وهي الأكثر تضررا من التضخم، في دعم فوز ترامب في الانتخابات. كما برزت قاعدة مؤيديه من الناخبين الريفيين والبيض وغير الحاصلين على تعليم جامعي.