"\n"
إقتصاد وإستثمارفرعي

قمة مصرفية أردنية سورية بمشاركة فعاليات اقتصادية

  • شركس: انعقاد القمة المصرفية يجسد إرادة مشتركة لتعزيز الحوار المصرفي وتطوير التعاون المالي بين البلدين
  • شركس: البنك المركزي الأردني على أتم الاستعداد لتقاسم خبراته مع المصرف المركزي السوري
  • السالم: اجتماع القيادات المصرفية والاقتصادية الأردنية والسورية يمثل ترجمة واضحة لإرادة سياسية واقتصادية بين البلدين
  • حاكم مصرف سورية: سوريا تدخل مرحلة جديدة من إعادة تأهيل المنشآت وتوسيع القاعدة الإنتاجية
  • المحروق: حجم الفروع البنكية وحجم التسهيلات يجعلان منه قطاعاً قادراً على تلبية الاحتياجات التمويلية للاقتصاد بكفاءة عالية

أردني – عقدت جمعية البنوك في الأردن القمة المصرفية الأردنية السورية برعاية محافظ البنك المركزي الأردني عادل شركس وحاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر حصرية.

وشارك في القمة، رئيس مجلس إدارة الجمعية باسم السالم، ورئيس الفريق الاقتصادي الحكومي مهند شحادة، ورؤساء مجالس إدارة البنوك ومديريها العامين، إضافة إلى رئيس غرفة تجارة الأردن ومدير صناعة عمّان، والهيئات الرقابية، وهيئة الأوراق المالية، وقطاعي الصرافة والتأمين.

وقد عكس مستوى التمثيل في القمة الرغبة المشتركة في إطلاق مرحلة جديدة من التعاون المالي والمصرفي بين البلدين، وبما ينسجم مع التطورات الاقتصادية الإقليمية ومسار إعادة البناء في سوريا.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد شركس أن مسار التعافي الاقتصادي الجاري في الجمهورية العربية السورية، إلى جانب الخطوات المتخذة لإعادة دمج سوريا في الأسواق الإقليمية والعالمية وفي النظام المالي الدولي، مع ازالة القيود، وعودة المؤسسات السورية – وفي مقدمتها مصرف سورية المركزي – للعمل في إطار المنظومة المالية الإقليمية والدولية، يخلق فرصاً لفتح آفاق جديدة للتجارة والاستثمار، وتعزيز مسارات التنمية الاقتصادية، ودعم مستويات أعلى من الاستقرار والازدهار، مؤكداً أن العلاقات الاقتصادية بين الأردن وسوريا تحظى بثقل خاص، استناداً إلى الروابط التاريخية والجغرافية والاجتماعية العميقة التي تجمع البلدين، وهو ما يجعل من التعاون الاقتصادي بينهما رافعة مشتركة للنمو والتنمية المستدامة، بما ينسجم مع رؤى وتوجيهات قيادتي البلدين الشقيقين الرامية إلى تعميق التعاون والعمل المشترك على مختلف المستويات. وفي هذا السياق، رحّب الشركس بتجدد الزخم في مسار التعاون الثنائي، موضحاً أن حجم التبادل التجاري بين البلدين شهد انتعاشاً ملحوظاً خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2025، ليبلغ نحو 400 مليون دولار أمريكي، وهو ما يعكس اتجاهاً إيجابيا يمهّد لمزيد من التوسع والتنوع في مجالات التعاون خلال الفترة المقبلة.

وعلى الصعيد المصرفي، أكد الشركس أن ابواب البنك المركزي الأردني مفتوحة للدخول في تعاون وثيق مع مصرف سورية المركزي، بما في ذلك نقل الخبرات الأردنية المتراكمة في المجالات المالية والمصرفية والرقابية، وبما يعزّز من قدرة النظام المالي السوري وصلابته ويسهم في فتح قنوات جديدة للتعاون الاقتصادي والمالي بين البلدين. كما عرض الشركس قوة ومتانة القطاع المصرفي الأردني، مبرزا أنه يحتل موقعاً متقدماً على المستوى الإقليمي، ويمثل ركناً أساسياً من أركان الاستقرار الاقتصادي الكلي، ومحركاً رئيساً للنشاط الاقتصادي، لافتاً إلى أن البنوك في الأردن تمكنت من تعبئة مُدخرات بنحو 49.3 مليار دينار أردني، ومنحت تسهيلات، ائتمانية بنحو 36.2 مليار دينار ولها حضور في 16 دولة، وأن أربعة بنوك أردنية مدرجة ضمن قائمة أكبر 1000 بنك في العالم، وفقاً للنتائج المالية لعام 2024.

وأوضح الشركس أن القطاع المصرفي الأردني أثبت، في محطات متعددة، قدرته على امتصاص الصدمات والخروج منها أكثر قوة، من خلال تطوير حلول مالية مبتكرة عززت من كفاءته وقدرته على مواكبة التطورات المالية والتكنولوجية العالمية. وفي هذا الإطار، أكد الشركس أن البنوك الأردنية في موقع يؤهلها لدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية في الاقتصاد السوري، لا سيما في ظل وجود ثلاثة بنوك أردنية تعمل حالياً في السوق السورية، مشيراً إلى أن توسيع وتعميق هذا الحضور من شأنه أن يسهم مباشرة في نقل الخبرات المصرفية المتراكمة إلى القطاع المصرفي السوري وتطوير منتجات وخدمات مالية تلبي متطلبات المرحلة الراهنة.

وأشار إلى أن الأردن حقق قصة نجاح وقفزة نوعية في مجال الخدمات المالية الرقمية والدفع الإلكتروني، كما تعكس ذلك المؤشرات المتعلقة بانتشار القنوات المصرفية الإلكترونية وتنامي استخدام أدوات الدفع الرقمي. وأكد أن هذا التقدم جاء مدفوعاً بالانتشار الواسع لاستخدام الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول، مما أسهم في تعزيز الشمول المالي، ورفع كفاءة إيصال الخدمات، وتحسين جودة الخدمات المصرفية المقدّمة للأفراد وقطاع الأعمال على حد سواء.

وختم شركس حديثه بالتأكيد على وجود آفاق واسعة وفرص واعدة لا محدودة للتعاون لنقل تجربة الأردن في القطاع المصرفي والخدمات المالية الرقمية والتكنولوجيا المالية إلى الجانب السوري، بما يعزز تحديث القطاع المصرفي السوري ويسهم في زيادة اندماجه في الأسواق المالية الإقليمية والدولية، وتوثيق الربط المالي والمصرفي بين البلدين، ودعم الجهود الهادفة إلى إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في سوريا.

من جانبه، رحّب رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك باسم خليل السالم بالوفود المشاركة، مؤكداً أن اجتماع القيادات المصرفية والاقتصادية الأردنية والسورية تحت سقف واحد يمثل ترجمة واضحة لإرادة سياسية واقتصادية تتجه نحو بناء مرحلة تعاون أعمق وأكثر منهجية بين البلدين.

وأشار إلى أن العلاقة بين الأردن وسوريا علاقة راسخة الجذور شكلتها الجغرافيا المتصلة والتاريخ المشترك والثقافة الواحدة وروابط القربى الممتدة عبر الأجيال، وأن الأردن ظل حريصاً على استقرار سوريا وازدهارها، فيما بقيت سوريا عمقاً طبيعياً للأردن وشريكاً اقتصادياً واجتماعياً مهماً.

وأضاف أن الفرصة تبدو مواتية اليوم لتعميق التعاون ليس فقط على مستوى الحكومات، لكن أيضاً عبر القطاع الخاص، وبخاصة البنوك التي تمتلك القدرة على لعب دور محوري في دعم التكامل الاقتصادي وإعادة بناء الروابط التي تأثرت خلال السنوات الماضية.

وشدد السالم على أن الرؤية الأردنية تجاه سوريا تنسجم مع ما يؤكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة حول ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب السوري ودعم جهوده لاستعادة الاستقرار والازدهار.

وأوضح أن القطاع المصرفي الأردني أثبت خلال العقود الماضية قدرته على الالتزام بالمعايير الدولية، والحفاظ على مستويات قوية من رأس المال، ووفرة السيولة، وجودة الأصول، والحوكمة الفاعلة، وهي عوامل أسهمت في تحقيق الاستقرار ودعم النمو الاقتصادي.

وبيّن أن هذه المتانة جاءت نتيجة للرقابة الفاعلة التي مارسها البنك المركزي الأردني على مدى أكثر من نصف قرن، إلى جانب الكوادر المؤهلة التي يتمتع بها القطاع المصرفي.

وأوضح السالم أن القطاع المصرفي الأردني يقف اليوم على أعتاب مرحلة متقدمة، يتجه فيها بثقة نحو البنوك الرقمية، المعززة بالذكاء الاصطناعي، والمدفوعات الفورية، وأنظمة الامتثال المتقدمة، ما يجعله شريكاً طبيعياً وجديراً بدعم تطوير القطاعات المالية في الإقليم.

وأكد أن التحديات التي تواجه سوريا كبيرة، لكن الفرص التي تحملها المرحلة المقبلة أوسع وأكثر تنوعاً، سواء في قطاعات الطاقة والنقل والزراعة والصناعة والتجارة والخدمات، أو في الاحتياجات التمويلية الضخمة لإعادة الإعمار وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتطوير الأنظمة التقنية وبناء رأس المال البشري.

وأعلن أن القطاع المصرفي الأردني يضع خبراته وقدراته المؤسسية وتجربته الطويلة تحت تصرّف الأشقاء في سوريا، مع طرح إطار للحوار المصرفي الأردني السوري استناداً إلى مبادئ عملية تشمل تشكيل لجنة مصرفية مشتركة، وتوفير بيئة آمنة وشفافة لجذب التمويل، وتوسيع الشراكات المصرفية، وتعزيز التكامل الرقمي والتقني، وتطوير آليات الامتثال والحوكمة وتبادل البيانات، إلى جانب وضع تصور مشترك لقطاع مصرفي حديث في سوريا قادر على دعم إعادة الإعمار والتنمية المستدامة.

أما حاكم مصرف سورية المركزي عبدالقادر حصرية، فأكد أن اللقاء يأتي في مرحلة دقيقة يشهد فيها الاقتصاد العالمي تحولات كبيرة تتعلق بالتقلبات السياسية ودورات التضخم وسلاسل الإمداد والتطورات المتسارعة في التكنولوجيا المالية.

وقال إن المصارف في سوريا والأردن لعبت دوراً مهماً خلال السنوات الماضية في الحفاظ على الاستقرار المالي وتأمين التمويل للقطاعات الإنتاجية ودعم التجارة البينية وتطوير البنية الرقمية، مشيراً إلى أن هذا اللقاء يؤسس لمرحلة جديدة من التكامل بين البلدين.

وبيّن حصرية أن استقرار سعر الصرف والسياسة النقدية الفاعلة يمثلان أساساً لأي بيئة استثمارية، وأن المصرف المركزي السوري يعمل على تعزيز أدواته النقدية، وتحسين إدارة الاحتياطيات، وتطوير أنظمة مراقبة التدفقات النقدية بالتعاون مع مؤسسات دولية، إضافة إلى تحديث التشريعات المصرفية لتتوافق مع المعايير العالمية في الحوكمة وتنظيم الائتمان، وتطوير البنية التحتية المالية عبر تحديث نظام التسويات اللحظية، وإطلاق مركز وطني للشبكات المصرفية وتطبيق نظام وطني للتصنيف الائتماني وتعزيز الأمن السيبراني.

وأشار إلى أهمية التعاون العملي بين المصارف الأردنية والسورية، عبر تطوير قنوات التسوية والتحويل المالي، وإطلاق برامج تمويل مشتركة لقطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والنقل، وتبادل الخبرات في إدارة المخاطر، وتعزيز الشمول المالي والتحول الرقمي، وتنظيم لقاءات مشتركة لتحديد الاحتياجات التمويلية.

وأكد أن سوريا اليوم تدخل مرحلة جديدة من إعادة تأهيل المنشآت وتوسيع القاعدة الإنتاجية، مشيراً إلى فرص استثمارية واسعة في الصناعات الغذائية والتحويلية، الزراعة الحديثة، الطاقة، البناء، النقل، والتكنولوجيا، داعياً إلى شراكات مصرفية تمكّن من تحويل هذه الفرص إلى مشاريع فعلية.

وقدم مدير عام جمعية البنوك في الأردن ماهر المحروق عرضاً شاملاً حول واقع القطاع المصرفي الأردني، مؤكداً أنه يشكل أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني وأكثر القطاعات تنظيماً بفضل الإطار الرقابي المتطور الذي يقوده البنك المركزي الأردني.

وأوضح أن القطاع يتكون من 15 بنكاً أردنياً وخمسة بنوك أجنبية تشمل بنوكاً إسلامية وتجارية، وأن حجم الفروع وحجم التسهيلات يجعلان منه قطاعاً قادراً على تلبية الاحتياجات التمويلية للاقتصاد بكفاءة عالية.

وأشار المحروق إلى أن القطاع يمتاز بتنوع خدماته وقدرته على الوصول إلى مختلف فئات المجتمع، مع منظومة من الخدمات المصرفية الحديثة المحتوى بالتحول الرقمي والامتثال لمعايير الأمن السيبراني، وأن 84% من الخدمات اليوم تُقدم عبر قنوات إلكترونية.

وبيّن أن حجم موجودات القطاع المصرفي يعادل الناتج المحلي الإجمالي، وأن حجم الودائع يصل إلى 112% من الناتج المحلي، بينما تقترب التسهيلات الائتمانية من 50 مليار دولار، وهي مؤشرات تؤكد أن القطاع المصرفي أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي، وأن متانة المؤشرات المالية من حيث كفاية رأس المال والسيولة ونسب الديون غير العاملة تعكس سمعة القطاع المصرفي الأردني وثقة المؤسسات الدولية به.

واختُتمت القمة بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات عملية لتعزيز التعاون المصرفي الأردني السوري، من خلال تشكيل لجان مشتركة، وإطلاق برامج تمويل، وتبادل الخبرات، وتطوير الأنظمة التقنية، وتهيئة بيئة مالية آمنة وشفافة، وبما يسهم في دعم إعادة الإعمار في سوريا وتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى