"\n"
إقتصاد وإستثماررئيسي

كسوة العيد.. رمز الفرح والتكافل الاجتماعي

أردني – مع اقتراب عيد الفطر المبارك، تتجلى قيم التضامن والتآزر والتكافل الاجتماعي بأبهى صورها، حيث تزداد أهمية كسوة العيد في هذا الوقت من العام، إذ تسهم في إدخال الفرحة إلى قلوب الأسر، وخاصة الأطفال، فهي ليست مجرد ملابس جديدة، بل تحمل في طياتها معاني المحبة والعطاء.

وأكد معنيون في تصريحاتهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن إدخال الفرحة إلى قلب مسلم يعد من أحب الأعمال إلى الله، ذلك أن كسوة العيد تُمكن الأسر من مشاركة البهجة، خصوصًا أولئك الذين قد لا يستطيعون تحمل تكاليف الملابس الجديدة، ما يعزز من الروابط الاجتماعية، ويعمق المودة والتراحم بين أفراد المجتمع.

وتساعد المبادرات المجتمعية على جمع التبرعات والإمكانات لتوفير كسوة العيد للفئات الأقل حظًا، مما ينشر فرحة العيد بشكل أوسع، ويعزز من التكافل الاجتماعي.

بنك الملابس الخيري أحد إدارات الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، والذي يهدف لتوفير الملابس الملائمة للأسر الأردنية العفيفة على مدار العام، أطلق مبادرة برنامج “ديرتنا” في ظل الحاجة المتزايدة لدى بعض الأسر في المحافظات.

ومع قرب حلول عيد الفطر المبارك، قام بنك الملابس بالعمل على محاور عدة، وهي محور الصالات الثابتة في عمان والكرك، ومحور الصالات المتنقلة في إربد وجرش والعقبة وعجلون، حيث جرى توزيع 90 ألف قطعة من الملابس في الصالات الثابتة والمتنقلة، لصالح 30 ألف فرد.

وقال الرئيس الفخري لجمعية “مساندة” للتنمية والتمكين وضاح الكيلاني: بالتعاون مع بنك الملابس الأردني، أحد مشاريع الهيئة الخيرية الهاشمية، والجمعية، تمكنا بفضل الله من تأمين كسوة العيد لـ 50 عائلة عفيفة من مخيم البقعة.

مؤسس مبادرة “فرصتي”، همام ديك، أكد سعي المبادرة لتمكين الأفراد والمجتمعات من خلال توفير الفرص وإدخال الفرحة على قلوب الأطفال، خاصة في الأعياد.

وأوضح، أن “كسوة العيد” لا تقتصر على كونها ملابس جديدة، بل تمثل رمزًا للفرح والانتماء والمساواة، مما يعزز ثقة الأطفال بأنفسهم ويضفي على العيد مزيدًا من البهجة.

وأضاف ديك، أن المبادرة تركز على دعم الأطفال المحتاجين عبر توفير الملابس من خلال حملات التبرع أو الشراكات الخيرية، مشيرًا إلى أن أكثر من أربعين طفلًا استفادوا من هذا البرنامج حتى الآن، كما جرى دعم نحو 30 أسرة فقيرة بتوفير الطعام وتوزيع مبالغ نقدية بلغت قرابة 500 دينار كزكاة مال وفطر.

إلى جانب ذلك، تسعى “فرصتي” لتوفير فرص تدريبية ومنح دراسية، إضافة إلى حملات تطوعية لخدمة كبار السن والأيتام وذوي الإعاقة، وتتضمن جهودهم توفير كراسي متحركة وأدوية وأجهزة لقياس السكري خلال شهر رمضان الكريم.

وأشارت رئيسة جمعية “بادري” للتنمية والتأهيل الخيرية، عبير الصلاحات، إلى جهود الجمعية في توزيع مساعدات عيدية، حيث جرى توفير 140 بطاقة شرائية من إحدى المحلات التجارية بقيمة 45 دينارًا، بالإضافة إلى ذلك، جرى توزيع 50 بطاقة من شركة أخرى بقيمة 15 دينارًا للأسر المستفيدة من ذوي الإعاقة.

وأشارت الصلاحات إلى استمرار المعرض الخيري الدائم للملابس في الجمعية خلال الأيام العشرة الماضية، حيث جرى إعادة تدوير الملابس المستعملة لصالح الأسر المسجلة، واستفاد منه حوالي 150 شخصًا من الأطفال والنساء والرجال.

كما أضافت الصلاحات: “نفخر بمساهمتنا في دعم جمعية أبو بكر الصديق الخيرية للأيتام، حيث تم توزيع كسوة للأيتام، وذلك في إطار مشاركتنا المجتمعية ودعم الفئات المستحقة في عدة مناطق، ومن ضمن جهودنا، تم أيضًا توزيع كسوة على 50 طفلاً في قسم الأطفال في مستشفى الأمير حمزة.”.

مساعد الأمين العام لشؤون الدعوة ومدير الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور إسماعيل فواز الخطبا، قال: يجب على المؤمن أن يغتنم ما بقي من شهر رمضان المبارك، وأن يودع رمضان بمثل ما استقبله من الطاعات والعبادات والبرّ والإحسان، ومن البرّ والإحسان سدّ خلة المحتاجين والفقراء والأيتام في أيام العيد قربة يتقرب بها العبد إلى خالقه سبحانه وتعالى، بل فيه امتثال شرعي ومسلك تربوي لعموم الأمة الإسلامية من خلال التعاون على البر والتقوى، وإعانة المسلم لأخيه على تحمل مسؤولياته بتوفير بعض احتياجاته من مأكل ومشرب وملبس ومسكن من باب المحبة والمودة والتكامل والتكافل بينهم.

وأشار إلى أن مساعدة الفقراء والمحتاجين من أسمى الأعمال الإنسانية التي تعزز قيم التكافل الاجتماعي، والذي يعدُّ أحد أهم المبادئ في المجتمع، والذي يضمن التعايش السلمي والتقدم للجميع من خلال مساعدة الفقراء والمحتاجين، لنسهم في خلق مجتمع أكثر تماسكًا وعدلًا.

ولفت إلى أن التراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم، كما روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

وتابع: لقد حثَّنا الشرع الحنيف في مواطن عدة في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية الشريفة على الإنفاق ومساعدة الفقراء والمساكين والأيتام؛ منها: قوله عزَّ وجلَّ: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)) [البقرة: آية 271].

وقوله سبحانه وتعالى أيضًا -واصفًا عباده الأبرار-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)) [الإنسان:8] والمراد بحبه: على حب الطعام وقلتهِ وشهوتهم له وحاجتهم إليه. وقيل: على حب الله عزَّ وجلَّ.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله (ص) قال: «قَالَ الله: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله عزَّ وجلَّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا» أخرجه الطبراني، فهذه النصوص ظاهرة الدلالة على فضل الإنفاق في شتَّى وجوه الخير والبر، وقد جعله الله -سبحانه وتعالى- قربةً يتقرب بها العبد إلى ربه.

وبين الخطبا أن الشواهد والأدلة في الحث على الإنفاق والصدقات كثيرة؛ وهو ما يجلِّي لنا اهتمام الشرع الحنيف بالإنفاق والتصدق بالمال في جميع مصارف الخير ووجوه البرِّ؛ والتي يأتي في مقدمتها رعاية ومساعدة الفقراء والمحتاجين والأيتام، كلٌّ بحسب حاله وقدرته في ذلك، وهذا عمل حضاري وواجب مجتمعي، فضلًا على كونه من القربات التي ينبغي على الجميع التكاتف والتآزر حوله وخاصة في وقت الأزمات وضيق الحال.

وهذا التكاتف والتعاون والإيثار هو من أخلاق الأنبياء والصالحين، فهذا خلق نبينا ( ص) ، وصحابته الكرام ومن تبعهم من الصالحين، وفقا للخطبا.

وأشار إلى أن الفقر ليس مجرد نقص في المال، بل هو أيضًا نقص في الموارد الأساسية التي يحتاجها الإنسان للعيش بكرامة. لهذا السبب، يجب على كل فرد في المجتمع أن يقوم بدوره في مساعدة المحتاجين، سواء كان ذلك من خلال التبرعات المادية أو الزكوات والصدقات.

وقال إن”مساعدة الفقراء والمحتاجين ليست مجرد واجب، بل هي فرصة لنا جميعًا اليوم لنكون شعاع أمل في حياة من هم بأمس الحاجة إلينا، خاصة ونحن على أبواب عيد الفطر السعيد. أن نقدم الأموال والصدقات، والتي يمكن لكل واحد منا أن يترك بصمة إيجابية لا تُنسى. دعونا نمد أيدينا وقلوبنا معًا، نبني مجتمعًا يقوم على التكافل والتراحم والتوادّ، ولنتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ) رواه مسلم”.

خبير علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي أشار إلى أهمية الملابس في المجتمع الأردني خلال فترة العيد، حيث يُظهر حرص الأسر على شراء الملابس للأطفال والبالغين قبل حلول المناسبة.

ولفت الخزاعي إلى أن التحضير للعيد يتضمن أيضًا تجهيز الحلويات داخل المنزل، معتبرًا أن “كسوة العيد” تُعد من أبرز الممارسات الضرورية التي تضفي البهجة على الأسرة. وفي هذا السياق، يتفنن الأردنيون في تجهيز ملابس العيد، إذ يقوم من لا يمتلكون ملابس جديدة بغسلها وكويها لتكون جاهزة للاحتفال.

أما الأسر التي تتمتع بظروف مالية أفضل، فتقوم بشراء الملابس الجديدة وفقًا لإمكاناتها الاقتصادية. ويؤكد الخزاعي أهمية ارتداء هذه الملابس الجديدة في أول أيام العيد، حيث تصبح علامة مميزة لهذه المناسبة.

ورأى أن ارتداء الأطفال للملابس الجديدة من المظاهر البارزة في العيد، حيث يساعدهم ذلك على تعزيز شعور الفرح والانتماء، خاصة أثناء الزيارات المتبادلة مع العائلات والأحباب.

وأشار الخزاعي في هذا السياق إلى أهمية التكافل الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع، مؤكدًا ضرورة التضامن خاصةً مع الفئات الأقل حظًا والفقراء.

وبين، أن مساعدتهم تجعل أبناء الأسر الفقيرة يشعرون بفرحة العيد، مثلهم مثل الأطفال من الأسر الأخرى، إذ يُعد هذا السلوك ضروريًا لضمان عدم انغلاق هؤلاء الأطفال في منازلهم أو انطوائهم أو كبت مشاعر الحزن، مما يحرمهم من الاحتفال والتمتع بأجواء العيد.

وقال: إن تعزيز قيم التكافل والمساعدة يجعل العيد أكثر بهجة ويُدعم اللحمة الاجتماعية، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك يتمتع بالفرح والتضامن في جميع المناسبات، فهذه صورة جميلة تعبر عن روح التعاون والتعاضد في المجتمع، عندما يتعاون الأفراد والجماعات لمساعدة الأسر المحتاجة، مما يعزز من الروابط الاجتماعية، ويعمق قيم المودة والتكافل. فعندما يحصل الأطفال على كسوة العيد، حينها يشعر الجميع بفرحة العيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى