"\n"
مقالات

لماذا ارتفعت شعبية الحكومة؟

فهد الخيطان

غالبا ما كانت توقعات الرأي العام إيجابية تجاه الحكومات عند تشكيلها، ثم تعود مستويات الثقة لتستقر عند معدلات أقل. أو تتدهور بشكل أكبر بعد مرور 100 يوم أو أكثر على تشكيلها.

حكومة الدكتور جعفر حسان خالفت هذه التقاليد، وسجلت ارتفاعا جوهريا في ثقة الأردنيين بعد 200 يوم على تشكيلها، خاصة عند أفراد العينة الوطنية، وفق ما أعلن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية أول من أمس.

الاستطلاع أفاد بأن حكومة حسان حازت النسبة الأعلى من ثقة المواطنين بقدرتها على تحمل مسؤوليات المرحلة منذ عام 2011.

فما هي الأسباب والاعتبارات التي حدت بالرأي العام الأردني إلى تغيير انطباعاته التقليدية عن الحكومات مقارنة مع ما سبق في السنوات الـ 14 الأخيرة.

يظهر الاستطلاع أن الثقة برئيس الوزراء شخصيا كان لها الدور الأكبر في رفع شعبية الحكومة. فقد ارتفعت الثقة بحسان عند أفراد العينة الوطنية 16 %، مقارنة مع نتائج الاستطلاع عند التشكيل. بينما استقرت النسبة على ارتفاع عند أفراد عينة قادة الرأي مقارنة مع استطلاع الـ 100 يوم.

ويعود هذا الارتفاع في الثقة إلى النهج الذي اتبعه رئيس الوزراء في الزيارات الميدانية المكثفة، والتواصل المباشر مع المواطنين، والتعامل مع المشكلات المطروحة بحلول فورية يتولى الرئيس متابعتها شخصيا في الميدان، وهو أمر لمسه المواطنون على نحو ظاهر.

خلق هذا السلوك انطباعا قويا لدى الناس بأن رئيس الوزراء شخصية عملية، ويسعى فعلا لمساعدة الناس قدر استطاعته على تحسين مستوى حياتهم ومستوى الخدمات المقدمة لهم.

وباستثناء مطب مشروع قانون ضريبة المسقفات الذي تم احتواء تداعياته سريعا، لم تحمل ذاكرة الناس في الأشهر التي مضت من عمر الحكومة أي قرارات أو إجراءات أو تصريحات تنطوي على استفزاز لهم أو اعتداء على مصالحهم،لا بل أن معظم هذه القرارات صبت في خدمة المواطنين، وتحفيز الاقتصاد الوطني بما يضمن تحقيق برامج التحديث الاقتصادي التي تعهدت الحكومة بالسير عليها واستكمالها.

ثقة المواطنين بالفريق الوزاري مرتفعة أيضا لدرجة لا ترى معها الأغلبية حتى من أفراد عينة قادة الرأي أن هناك حاجة لإجراء تعديل وزاري. سيكون وقع هذه النتيجة طيبا على أعضاء الحكومة، لكن لا يعرف إن كان رئيس الوزراء سيأخذ بتوصيات الرأي العام هذه، ويمضي بنفس الفريق دون تعديل، أم يحتكم لتقييمه لأداء وزرائه فيذهب للتعديل.

ثمة عامل آخر كان له في اعتقادي تأثير إيجابي على انطباعات الناس حيال الحكومة ومؤسسات الدولة بشكل عام. فرق الاستطلاع بدأت العمل الميداني في اليوم التالي لإعلان دائرة المخابرات العامة عن نتائج التحقيقات فيما عرف بخلايا الجماعة المحظورة. كان الشعور العام بين المواطنين هو مزيج من الغضب حيال هذا السلوك المهدد للأمن الوطني، والفخر بقدرة مؤسسات الدولة على حماية الناس واحباط المخططات. وقد برز رد الفعل بشكل واضح في ارتفاع مستويات الثقة بالجيش والمؤسسات الأمنية، ولاشك أن الحكومة قد نالها نصيب من فيض مشاعر الثقة هذا.

على العموم الثقة العالية بالحكومة، وتراجع النظرة السلبية عند الرأي العام تجاه المستقبل في الأردن، هو مكسب كبير، لكنه يمثل تحديا كبيرا يلقي بمسؤوليات ثقيلة على كاهل الحكومة. الوفاء بهذه الثقة يتطلب عملا دؤوبا لترجمتها لإنجازات يلمسها الناس، وبخلاف ذلك سيعود الرأي العام ليصدر أحكاما قاسية ويعاقب الحكومة على عدم الوفاء.

“الغد”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى