مقالات

مؤتمر غزة وموقف الملك الضاغط

محمد حسن التل

ان ينجح الملك عبد الله الثاني مرة جديدة بشد الانتباه الدولي الى قضية فلسطين وما يحدث غزة وان ينجح في جمع ما يقارب الثمانين دولة على مستوى الكرة الأرضية لمناقشة سبل المساعدة الطارئة لغزة ، هذا معناه أن الدور الأردني على محور القضية الفلسطينية يتراكم ويتجذر وتزداد فعاليته على كل المستويات الدولية.

في البحر الميت كانت الصورة واضحة وتتحدث عن نفسها حيث جميع المشاركين كان كل حديثهم ونقاشاتهم مرتكزة على اسس الموقف الاردني ومتوافقة معه ما يشير ويؤكد أن العالم يدرك جيدا اهمية الدور والفعل الأردني وسعيه من اجل رفع المعاناة عن الأشقاء الفلسطينين ،خصوصا في غزة.

كانت لغة جسد الملك اثناء خطابه في المؤتمر تشير بوضوح إلى الغضب مما يحدث في غزة وكل فلسطين بلغ عنده مداه وعندما يقول الملك انه لا يجوز الصمت عن وضع العراقيل امام دخول المساعدات لاهل غزة الذين يواجهون الدمار والموت فاقت معاناتهم بكثير نتائج اي صراع اخر منذ عشرون عاما فإنه بذلك يضع العالم أمام مسؤولياته في انقاذ شعب كامل يقتل أمام الجميع وان الاهل في غزة لا يريدون كلاما منمقا وخطابات بل يريدون فعلا على الأرض لإخراجهم من نفق المعاناة الكبيرة ،وهنا لا بد من الاشارة الى أن هذه المعادلة التي أشار لها الملك هي ركيزة الفعل الاردني منذ اليوم الاول للعدوان على غزة وتعمقه في الضفة الغربية…فالأردن فعله كان حجمه اكبر بكثير مما تحدث به وقام بجهد جبار في سبيل ايصال الدعم المباشر الى الغزيين المنكوبين من خلال ابتكار عمليات انزال جوي مباشر للناس كذلك من خلال مئات الشاحنات. ولم يكتفي الملك بهذ الفعل بل ايضا شكل قوة ضغط هائلة على المجتمع الدولي وأوصل حقيقة ما يحدث في غزة على الارض الأمر الذي قلب المواقف في الساحات الدولية لصالح الحق الفلسطيني وكشف حقيقة الاحتلال وصورته البشعة،ولا نبالغ حين نقول أن كل التغيرات التي طرأت على المواقف الدولية كانت بفعل ما قام به الملك على مدار ثمانية شهور وامتدت كل هذه التغيرات حتى رأينا ان غالبية دول العالم اقدمت على الاعتراف في الدولة الفلسطينية واتخذت مواقف متشددة اتجاه اسرائيل التي باتت شبه معزولة في العالم.

يطالب بايجاد آلية قوية للتنسيق تشمل جميع الأطراف على الأرض وهذا يتطلب فض الاشتباك بشكل شامل بين الجهات على الأرض وهذا يضمن ان تكون كل وكالات الإغاثة على العمل والتنظيم وأداء واجباتها بشكل آمن وكاف ومستدام.

وهنا لابد من الاشارة إلى منح الملك وسام الإستقلال للانروا تأكيد قوي على التمسك بدور هذه المنظمة وأهميته في كل عمليات الإغاثة في فلسطين وخصوصا في غزة كذلك اشارة ملكية أن الأردن سيظل ولن يتخلى عن هذه المنظمة وسيبقى داعما قويا لها وقد فعل الأردن ذلك على الأرض حين قدم لها الدعم المادي المبير بداية الحرب،

التأكيد على أهمية الممر البري فيه إشارة واضحة إلى ضرورة فتح المعابر جميعها لتدفق المساعدات كمقدمة وهذا الأهم لرفع الحصار الجائر على غزة، وهذا يتطلب تكثيف الجهود لضمان تقديم المساعدات وإيصالها إلى غزة بما يتماشى مع الالتزامات بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة عبر جميع الطرق على رأسها الدعم المالي واللوجستي مثل الشاحنات والمستودعات والمخزونات في المجمل كان مؤتمر غزة لتقديم المساعدة الطارئة في البحر الميت بقيادة الملك عبدالله الثاني انتصاراً لحقوق الفلسطينيين ومعاناتهم التي لم يشهدها عصر حرب او زمن صِدام.

لم يكتفي المؤتمرون بالحديث والنقاش حول الحالة الإنسانية بل كانت المطالبة واضحة بضرورة إيقاف الحرب على الأشقاء والمهم ايضاً التأكيد أن القطاع جزء اساسي من الارض الفلسطينية وعلى الاحتلال أن يرحل فوراً ليتسنى خلق حالة تكون صالحة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط على أساس حقوق الشعب الفلسطيني في استقلاله وحريته ودولته.

من المهم الإشارة أن المؤتمر انطلق في كل توصياته ونقاشاته من الموقف الاردني المتراكم والمتطور والضاغط وأن العالم أصبح الموقف الاردني بالنسبة له بما يخص ما يجري في غزة وكل فلسطين الركيزة ونقطة الانطلاق في البحث عن حلول تنهي الصراع والاعتداء وتوقف شلال الدم والمذبحة على الأرض في غزة والضفة الغربية.

إن اهتمام الاعلام الدولي امس وتسليطه الضوء بقوة على ما يجري في البحر الميت دليل واضح أن المؤتمر شكل علامة فارقة في تمكين الدول والوكالات العالمية للاغاثة أن تقوم بكل ما تستطيع لرفع المعاناة الإنسانية عن أهل غزة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى