
عام يفصلنا عن كأس العالم 2026 (كندا – الولايات المتحدة – المكسيك)، والذي بلغناه للمرة الأولى بجهود جبّارة ومضنية قادها جلالة الملك عبدالله الثاني، منذ كان رئيسًا للاتحاد الأردني لكرة القدم، مرورًا بفوز الأردن بذهبية كرة القدم في الدورة العربية (دورة الحسين 1999) في العاصمة عمّان.. مرورًا بمحطات مضيئة توّجت باحتلال فريقنا المركز الثاني في كأس آسيا 2023 في الدوحة، ثم تحقيق الحلم بالوصول لكأس العالم 2026 بدعم ورعاية سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وجهود متواصلة للاتحاد الأردني لكرة القدم برئاسة سمو الأمير علي بن الحسين، وعطاء نجوم المنتخب الوطني عبر السنوات الماضية، وصولًا لهذا الجيل الذهبي الذي حقّق طموحات وأحلام الشعب الأردني بالوصول المباشر إلى المونديال عن جدارةٍ واستحقاقٍ.. فماذا يعني ذلك؟
لا شكّ أن الوصول لنهائيات كأس العالم، التي انطلقت لأول مرّة في الأوروغواي عام 1930، ليس بالأمر الهيّن، فهو حلم جميع الدول، لأنّ كأس العالم ليست مجرد كرة قدم، بل هي واحدة من أهم الفرص الاستثمارية على صعيد العالم اقتصاديًا وصناعيًا وتجاريًا وسياحيًا وثقافيًا.. إلخ، وكأس العالم حدث يدرّ المليارات على الدول المستضيفة والمشاركة، ويكفي للدلالة على ما أقول الإشارة إلى بعض المؤشرات والأرقام التي تقول:
– 72 مليار دولار عوائد الدول المستضيفة في آخر 5 بطولات من كأس العالم، بحسب إحصاءات «الفيفا».
– كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، ويزيد متابعوها على (4 مليارات شخص).
– عدد من يمارسون كرة القدم يُقدّر بنحو 270 مليون شخص.
– اقتصادات كرة القدم منفردة يُتوقع وصولها نحو 57 مليار دولار بحلول عام 2026 (العائد الاستثماري المباشر).
– أما العوائد غير المباشرة، فتأتي من توفير فرص العمل في قطاعات متعلقة بالرياضة أو غير متعلقة بها، كالسياحة والنقل والاتصالات، والاستثمار بالمرافق المتعلقة بالرياضة، وعوائد أخرى يصعب تقدير مردودها، كرفاهية الشعوب وسعادتهم.
– إيرادات صناعة الرياضة ككل قُدرت عالميًا بـ355 مليار دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 826 مليار دولار بحلول عام 2030.
– تُقدّر إيرادات السياحة الرياضية العالمية بـ685 مليار دولار في عام 2024.
– تساهم السياحة الرياضية بنسبة 10 % من الإنفاق العالمي على السياحة.
* ماذا يستفيد الأردن؟
1 – بمجرد وصول منتخبنا الوطني للنهائيات حزيران العام المقبل، فسوف يحصل المنتخب الأردني على نحو (10.5 مليون دولار)، منها 1.5 مليون دولار كمساهمة أولية تُصرف قبل انطلاق البطولة، لتغطية تكاليف المعسكرات التدريبية، والسفر، والتجهيزات اللوجستية المرتبطة بالإعداد.
2 – وبعد المشاركة في البطولة، يضمن منتخبنا نحو 9 ملايين دولار على الأقل، وهي المكافأة المخصصة للمنتخبات المشاركة في الدور الأول، حتى وإن لم تتأهل إلى الأدوار الإقصائية.
3 – سمعة الأردن سترتفع عالميًا، وقد ارتفعت أعداد الباحثين عن اسم الأردن على محركات البحث العالمية منذ إعلان وصول منتخبنا للنهائيات.
4 – انعكاسات ذلك كبيرة جدًّا على السياحة والاستثمارات.. والصناعة الوطنية.. والثقافة.. إلخ.
5 – انعكاسات ذلك مهمّة جدًّا على النهوض بالرياضات المحلية، وتحديدًا كرة القدم، والبنية التحتية للرياضات المتعددة، وتشجّع على النهوض بالمستوى الرياضي وتدريب الفئات العمرية.
6 – رفع القيمة السوقية للاعبينا والمنتخب الأردني عموما.
* ما هو المطلوب؟
1 – تشكيل لجنة عليا على مستوى الوطن تضم كافة الجهات المعنية بدعم منتخبنا الوطني وتحضيره للنهائيات، وترويج وتسويق الأردن للاستفادة القصوى من التأهل التاريخي للمونديال.
2 – البدء بمشروع وطني عابر للحكومات، وفقًا لرؤية التحديث الاقتصادي، لمأسسة المشاركة في المونديالات والبطولات العالمية على أسس استثمارية.
3 – الدخول في مرحلة «الاحتراف الحقيقي» لكرة القدم الأردنية بكل تفاصيلها، بدءًا من خصخصة الأندية، أو تحويلها إلى شركات مساهمة عامة.
4 – البدء فورًا بمشروع المدينة الرياضية، التي طرحتها الحكومة بناءً على توجيهات جلالة الملك، لإنشاء استاد دولي جديد لكرة القدم لخدمة قطاع الرياضة والشباب.
5 – رصد مخصصات إضافية في موازنة 2026 لدعم منتخبنا الوطني لكرة القدم.
* أخيرًا وليس آخرًا:
علينا أن نعيش الفرحة، وأن نكرّم من حقّقوا لنا هذا الحلم الذي انتظرناه طويلًا، وندعم هذا الجيل الذهبي، ونواصل إعداد «أجيال المونديال» بدءًا من المدارس، مرورًا بمراكز الشباب، وليس انتهاءً بالجامعات والأندية.
“الدستور”