"\n"
مقالات

نهاية الحرب في غزة .. ليس بعد

فهد الخيطان

من المبكر القول إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، توشك على النهاية. ما حدث يعد اختراقا كبيرا، جاء بفعل ضغوط أميركية كبيرة على طرفي الصراع، وعلى الوسطاء كذلك.

نتنياهو كان علم بتفاصيل الخطة قبل إعلانها، وخاض في جدال كبير مع الجانب الأميركي حول تفاصيلها وفق مصالحه، وكان له ما أراد بقدر غير قليل.

الثلاثي؛ القطري المصري التركي، تولى من جانبه، إقناع حركة حماس أن لا خيار أمامها سوى مسايرة ترامب في خطته، وإلا فإن حرب الإبادة الوحشية ستحصد المزيد من الأرواح، ولن تبقي شيئا للتفاوض.

وافق الطرفان على الخطة، لكن لكل طرف تعريفه الخاص لنهاية الحرب، ونتائجها. حماس عبرت عن ذلك ببيان، وافقت فيه على مفاوضات المرحلة الأولى، لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية للقطاع. وعومت موقفها من المرحلة الثانية، المتعلقة، بتسليم السلاح، ومغادرة القطاع، إن رغب قادتها بذلك، وتجاهلت الحديث عن الإدارة الدولية للقطاع، لتجنب استفزاز ترامب.

بتعريف نتنياهو للخطة، هي نهاية حكم حماس، ونزع سلاحها، بعد استعادة الرهائن، وبقاء قوات الاحتلال في عمق القطاع لحين التأكد من خلو غزة من السلاح.

بدأت بالأمس مفاوضات غير مباشرة في القاهرة، بحضور أميركي يلفت الأنظار، فإلى جانب ويتكوف حضر مهندس صفقة القرن جاريد كوشنر، الذي دخل على خط حرب غزة متأخرا، ومن بوابة مشروع إعادة الإعمار الذي صممه بالتعاون مع توني بلير.

الوفود المفاوضة والوسطاء، يعملون تحت ضغط مباشر من ترامب لإنجاز اتفاق خلال أيام لتطبيق المرحلة الأولى من الخطة، وعنوانها الأهم بالنسبة لترامب، إطلاق سراح الرهان في صفقة تبادل ووقف إطلاق النار.

ترامب معني بتسجيل هذا الانتصار بأسرع وقت، ليضيف إلى ما يعتقد أنه سجل حافل بوقف الحروب في العالم في وقت قياسي من عمر إدارته.

بالنسبة لنتنياهو، فهذا ما يريده بالضبط، استعادة الرهائن، ليتخلص أولا من ضغط الرأي العام، وثانيا، ليمنح ترامب ما يرضي غروره كصاحب إنجاز، يستحق جائزة نوبل للسلام. لكن الأمر مختلف بالنسبة لحركة حماس. ثمة حاجة لضمانات قاطعة بأن إسرائيل لن تعاود القتال بعد إنجاز صفقة التبادل، والانسحاب من أجزاء واسعة من القطاع. والتزام من جانب حكومة نتنياهو بمواصلة مفاوضات المرحلة الثانية، لتحقيق الانسحاب.

هذه مهمة ثقيلة على الوسطاء، إذ يتعين عليهم الحصول على ضمانات من إدارة ترامب بإلزام نتنياهو، المخادع والكذاب عدم استئناف العدوان على غزة.
وعلى فرض إنجاز المرحلة الأولى من الخطة بنجاح، فإن المرحلة الثانية هي الأشد حساسية وخطورة في الخطة برمتها، لما تتضمنه من استحقاقات، تخص مستقبل القطاع، وعلاقاته مع الشطر الثاني من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

بنود الخطة بهذا الخصوص فضفاضة، وتعطي إسرائيل دور الحكم، إلى جانب دورها كمحتل لمعظم أراضي القطاع.

هذا يعني أن قد نكون أمام مسار طويل وشاق لمفاوضات المرحلة الثانية، في ظل هامش مناورة أكبر لحكومة نتنياهو مما هو متاح للطرف الفلسطيني. وإذا وجد نتنياهو حكومته مهددة بالانهيار بفعل استحقاقات التفاوض، فليس مستبعدا ولا غريبا على نتنياهو الانقلاب على مواقفه، والتلاعب بمزاج الإدارة الأميركية، للعودة من جديد للقتال بحجة تنفيذ خطة ترامب بالوسائل العسكرية، بعد فشل الدبلوماسية، كما هدد بتصريحاته بالأمس.

لهذه الاعتبارات، وغيرها، ينبغي الحذر من الإفراط بالتفاؤل، حيال فرص نهاية الحرب. يبقى أن من المهم المحافظة على وقف إطلاق النار، حتى عندما تبدو مهمة المفاوضات مستحيلة. وقف الكارثة الإنسانية، هي الأولوية الأولى.

الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى