وهي تعلن قبولها ترشيح الحزب الديموقراطي لها في مؤتمر الحزب في شيكاغو أمس الأول الخميس، لخوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب المقررة في 5 تشرين الثاني المقبل، تعهدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في خطابها، بأن يكون للفلسطينيين «الحق في تقرير المصير».
مضيفة أنّ «الرئيس جو بايدن وأنا نعمل على إنهاء هذه الحرب، وإطلاق سراح الرهائن، وإنهاء المعاناة في غزة، ويتمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في الكرامة والأمن الحرية وتقرير المصير».
أكثرمن ذلك.. فقد قالت «إن المعاناة في قطاع غزة يجب أن تنتهي، ويجب أن يكون الفلسطينيون قادرين على إدراك حقهم في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير».
-هذا التعهد، وهذا الاعلان من مرشحة الرئاسة الامريكية، يحمل العديد من المعاني والرسائل نلخّصها في النقاط التالية:
1 -لم تكن القضية الفلسطينية في يوم ما، محورا مهما و« فاعلا »- بل و« مؤثرا »- في أصوات الناخبين الأمريكيين مثلما هو عليه الحال في هذه الانتخابات.
2 -.. ولولا موقف الرئيس جو بايدن المنحاز تماما قولا وفعلا لاسرائيل، مما أثارحفيظة الناخبين من أصول عربية واسلامية وافريقية ولاتينية، ومعظمهم يتواجدون في الولايات الست «المتأرجحة »، والتي يتسابق عليها الجمهوريون والديمقراطيون لحسم المعركة الانتخابية.. هذه الولايات التي سبق وأن رجّحت كفّة الرئيس بايدن الديمقراطي -ولو بنسبة ضئيلة – في الانتخابات الماضية، الاّ أنها ضمنت له الفوز.. لكنّها اليوم انقلبت على الادارة الديمقراطية وأعلنت صراحة أنها لن تصوّت لبايدن بسبب موقفه من الحرب على غزّة.
3 -الديمقراطيون أدركوا الموقف تماما، فضغطوا قبل فوات الأوان على الرئيس بايدن، واقنعوه بالخروج من سباق الرئاسة، وتنصيب كامالا هاريس لاعادة ترتيب الاوراق من أجل كسب أصوات الأقليات في الجمهوريات المتأرجحة والحاسمة.. ولذلك لم تحضر كامالا خطاب نتنياهو في الكونغرس.. ولذلك كانت تصريحاتها متناسقة مع ما سبق وصرحت به حتى قبل ترشيح بايدن لها من أنها تطالب صراحة بوقف الحرب على غزة.. كما وأكّدت ذلك بتصريحاتها بعد لقائها نتنياهو.
4 – «هاريس» ليست ضد اسرائيل، على العكس، فقد أكّدت: (سوف أدعم دائمًا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها).. لكن موقفها وتصريحاتها أكثر توازنا (ما حدث في غزة، خلال الأشهر العشرة الماضية، كان مدمرًا، الكثير من الأرواح البريئة فقدت).. فهي – كاميلا – ترضي الاسرائيليين بما لا يغضب الاقليات العربية والاسلامية والافريقية وغيرها من الاقليات.
5 -في الجانب الآخر، المرشح الجمهوري دونالد ترامب يتمادى في التطرف لصالح اسرائيل أكثر من الاسرائيليين أنفسهم، ويجاهر في خطابه الأخير أمام تجمع صهيوني، بأنه «حين ينظر لخارطة الشرق الأوسط يجد بأنّ مساحة اسرائيل صغيرة ولا تتواءم مع حجم دورها في المنطقة».. في خطاب تحريضي يتجاوز مخططات «صفقة القرن » الى أبعد وأسوأ من ذلك بكثير.
6 – اذا كان نتنياهو، وبعد أكثرمن 10 أشهر على العدوان على غزة يبحث عن «صورة نصر» فلا يجدها، لا بالقضاء على قادة حماس في غزّة، ولا باستعادة الرهائن، وكل ما حققه دمار للبنية التحتية وقتل للأبرياء في غزّة.. فان القضية الفلسطينية في المقابل حققت أكثر من «صورة نصر»، بل حققت انتصارات سياسية ودبلوماسية واعلامية أعادت القضية الفلسطينية الى المشهد العالمي من جديد وبقوة، وها هي اليوم في مقدمة عناوين البرامج الانتخابية للديمقراطيين والجمهوريين.
7 -أكثر من 145 دولة في العالم اليوم أصبحت تعترف بالدولة الفلسطينية.. وباتت أكثر قناعة بحل الدولتين.. وصورة الكيان الاسرائيلي تزداد سوءا لدى المجتمع الدولي خصوصا بعد قرارات محكمة العدل الدولية مؤخرا.
**باختصار: أكرّر: « كاميلا هاريس» ليست ضد اسرائيل، لكن يكفي أن «صمود الغزيين» أدى الى:
-اعادة القضية الفلسطينية للمشهد العالمي.
-تعديلات بالخطاب الانتخابي الرئاسي الأمريكي.. ولن أكون مبالغا اذا قلت بأن «غزّة » ساهمت كثيرا بترشيح كامالا هاريس بدلا من بايدن، (اضافة لأمور أخرى يعرفها الجميع) لكنّ «غزة وفلسطين» اليوم حاضرة في خطابات «هاريس -و ترامب »، واذا كان كلاهما (ديمقراطيين وجمهوريين) سابقا يركّزون على أصوات اليهود والصهاينة الأمريكيين فقط، فان «العدوان على غزة»، زاد من أهمية صوت الأقليات العربية والاسلامية الامريكيين في «الولايات المتأرجحة »، والدليل تقدّم هاريس على ترامب باستطلاعات الرأي بتلك الولايات بعد تصريحاتها الأخيرة وتراجع ترامب.
– « غزّة » غيّرت، وستغيّر كثيرا من الأمور داخل الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.. ومنطقتنا بالتأكيد.. ويوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، سيكون محطة من محطات ذلك التغيير.
الدستور