“الاستراتيجيات” يدعو إلى الإسراع في تطوير قطاع الخدمات والأسواق المالية
أردني – أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني، ورقة سياسات بعنوان “اقتصاديات حوالات المغتربين وأثرها على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني”.
واستعرضت الورقة تدفقات حوالات المغتربين في العالم والأردن، وأثر تدفقات الحوالات على سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار والميزان التجاري، وقدمت توصيات لتعظيم الاستفادة من الحوالات المالية في تعزيز العملية الإنتاجية.
وقال المنتدى، إن إطلاق الورقة يأتي في ضوء الأهمية الكبيرة لحوالات المغتربين، واستكمالا لجهود المنتدى السابقة في هذا الإطار، إذ أصدر ورقة بإيجاز بعنوان “اقتصاديات حوالات المغتربين: أين نحن، وما هي التبعات؟”، وورقة سياسات بعنوان “الأردنيون في الخليج العربي: من الذي يحول، وكم؟ ولماذا يحول؟”، كما تأتي بالتزامن مع الإعلان عن إنشاء صندوق المغتربين الأردنيين للاستثمار، بمساهمة مشتركة من المغتربين، تقدر بحوالي 120 مليون دينار سنويا.
وأشارت الورقة إلى أن إجمالي حوالات المهاجرين على مستوى العالم، ارتفعت من 31 مليار دولار عام 1990، إلى 120 مليارا عام 2000، و857 مليارا في عام 2023 (وفق البنك الدولي).
وبينت الورقة أن حجم حوالات المغتربين إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، تجاوز العام الماضي 656 مليار دولار، كل من تدفقات حجم الاستثمار الأجنبي المباشر 382 مليارا، والمساعدات الإنمائية الرسمية 256 مليارا.
وعلى مستوى الأردن، أشارت الورقة الى أن إجمالي عدد المغتربين بلغ حوالي 924 ألفا وفق أرقام وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لعام 2021، شكّل المغتربون في السعودية 47 بالمئة من إجمالي المغتربين الأردنيين.
وبينت أن حجم تدفقات الحوالات المالية نسبة إلى الميزان التجاري في الأردن كبيرا جدا، إذ وصلت النسبة إلى 27 بالمئة من الصادرات الوطنية، و12 بالمئة من إجمالي مستوردات المملكة العام الماضي.
وقالت الورقة إن مسألة تأثير الحوالات المالية على سعر الصرف الحقيقي الفعال لفتت انتباه الكثير من الباحثين، نظرا لكون تدفقات حوالات المغتربين في الاقتصادات المفتوحة والصغيرة تؤدي إلى زيادة دخل الأسر، وزيادة الإنفاق على السلع والخدمات القابلة للتجارة (للاستيراد والتصدير) كالسيارات وبرامج الحاسوب، وغير القابلة للتجارة كوجبات الطعام أو الشقق سكنية وغيرها من هذا النوع من السلع.
وأضافت “ينتج عن الازدياد في الطلب على السلع والخدمات – تحديداً المنتجات غير القابلة للتصدير والاستيراد – في الاقتصادات الصغيرة والمفتوحة تأثيرين اقتصاديين مهمين، الأول “تأثير زيادة الإنفاق؛ فعند ازدياد الطلب على السلع والخدمات المنتجة محليا وغير القابلة للتجارة (التصدير والاستيراد) يتسبب ذلك في ارتفاع أسعارها، كون أسعار هذه السلع تُحدد في السوق المحلي، وبدوره، يؤدي ارتفاع أسعار السلع المحلية إلى زيادة “سعر الصرف الحقيقي الفعّال للعملة المحلية”.
والتأثير الثاني هو “تأثير الانتقال في عوامل الإنتاج”، إذ أن الارتفاع النسبي في أسعار السلع والخدمات غير القابلة للتصدير، يُشجع على الانتقال/ التحول في موارد الانتاج (الأرض، ورأسمال، والعمالة، والادارة) من القطاع الصناعي والزراعي القابل للتجارة (سلع الصادرات)، إلى القطاع المحلي لإنتاج السلع والخدمات غير القابلة للتصدير، ما يؤدي إلى تراجع الصادرات.
وأظهرت تحليلات المنتدى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي الفعّال للدينار الأردني من 89.08 عام 1990 إلى 137.8 عام 2022 بمعدل ارتفاع بنسبة 54.7 بالمئة، ووجود علاقة تكامل مشتركة طويلة الأجل بين سعر الصرف الحقيقي الفعّال وتدفق الحوالات المالية.
وأشارت الورقة إلى أن ازدياد قيمة حوالات المغتربين بنسبة 10 بالمئة، يؤدي الى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي الفعّال بنسبة تقدر بحوالي 2.13 بالمئة على المدى الطويل.
وأشارت الورقة الى أن تعزيز الاستفادة من حوالات المغتربين يُعتبر فرصة لتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية، خاصة عند توجيهها بشكل استراتيجي نحو الاستثمارات المحلية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ما يعزز من النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل جديدة.
وأوصى المنتدى بضرورة تعزيز تنافسية الصناعة الوطنية والمنتجات الزراعية من خلال تخفيض كلف الإنتاج ودعم بيئة الأعمال، ما يحد من خطر تأثير الحوالات على زيادة الواردات، وانخفاض الصادرات، وبالتالي التخفيف من العجز في الميزان التجاري.
ودعا الى الإسراع في تطوير قطاع الخدمات والأسواق المالية في الأردن، وفق أولويات ومبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، لجذب الاستثمارات من المغتربين، وتعظيم الاستفادة منها كتوجيه الأموال في صندوق المغتربين الأردنيين، الذي أعلن عن إنشائه مؤخرا، نحو القطاعات الإنتاجية.
ولفت إلى أهمية إجراء دراسات استقصائية دورية حول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للأردنيين العاملين في الخارج وسلوكياتهم المالية؛ والوقوف على عددهم، وتوزيعهم الجغرافي، وخصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، وأوجه إنفاق حوالاتهم، وإجراء دراسات وأبحاث دورية لتحليل جوانب تأثير التحويلات المالية على الاقتصاد الأردني.
وأكد المنتدى ضمن التوصيات ضرورة الاستثمار الحكومي في التعليم لتزويد الأردنيين بالمعرفة والمهارات اللازمة في الريادة والابتكار والإبداع، من أجل العمل على تعزيز تنافسية المنتجات والخدمات المحلية، ولمواجهة تحديات المنافسة في أسواق العمل العالمية.