الإسكوا: البلدان مرتفعة الدخل أغنى بـ 31 مرة من البلدان منخفضة الدخل
- اتجاهات الدراسة تشير إلى أن الثروة أصبحت تتركز بشكل متزايد بين الأغنياء وبخاصة في البلدان منخفضة الدخل
- ارتفاع متوسط الثروة في البلدان مرتفعة الدخل 31 مرة أكثر من البلدان منخفضة الدخل في المنطقة العربية
- البلدان مرتفعة الدخل شهدت انخفاضا في تركز الثروة بين أعلى 10% من السكان من 74.7% إلى 69.6%.
- الدراسة دعت إلى اتباع نهج سياسي شامل ومتعدد الأوجه يهدف إلى تعزيز التوزيع العادل للثروة ودفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل
أردني – انخفضت حصة ثروة النصف الأفقر من السكان في البلدان العربية المنخفضة الدخل من 10.7% في عام 2000 إلى 7.6% فقط بحلول عام 2022، وفق دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
وكشفت (الإسكوا) في دراسة جديدة عن ارتفاع كبير في عدم المساواة في الثروة في جميع أنحاء المنطقة العربية على مدى العقدين الماضيين.
وعلى الرغم من نمو ثروات الأسر بشكل أسرع من المتوسط العالمي إلا أن الفجوة اتسعت بشكل ملحوظ بين الأغنياء والذين يعيشون في فقر، لا سيّما منذ الربيع العربي في عام 2011.
وسلطت الدراسة التي تحمل عنوان “الاتجاهات غير المتكافئة لتراكم الثروة في المنطقة العربية”، الضوء على التباينات في الثروة بين البلدان المنخفضة الدخل وتلك ذات الدخل المتوسط والمرتفع في المنطقة.
ثروات متباينة
من عام 2000 إلى عام 2010، نما متوسط ثروة المقيمين في المنطقة العربية بوتيرة سريعة ناهزت 8.4%، فتجاوز المتوسط العالمي البالغ 5.9%. وشهدت البلدان المنخفضة الدخل أسرع نمو خلال هذه الفترة، ما أشار إلى اتجاه نحو التقارب بين الثروات. ولكن سرعان ما انعكست الاتجاهات بين عامَي 2010 و2022، ففي حين استمرت ثروة البلدان المتوسطة الدخل والمرتفعة الدخل في النمو – وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ – شهدت البلدان المنخفضة الدخل تدنيًا في الثروة الشخصية، من 5,100 دولار في عام 2010 إلى 3,200 دولار في عام 2022.
في هذا الإطار، قال أحد كبار مسؤولي الشؤون الاقتصادية في الإسكوا خالد أبو إسماعيل إن اتساع الفجوة في الثروة يثير القلق، “إذ أنه بذلك، ستتخلّف البلدان المنخفضة الدخل ليس فقط عن سائر محيطها الإقليمي، بل أيضًا على النطاق العالمي، الأمر الذي يهدد التماسك الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي”.
وقد ازداد التفاوت في الثروة بين البلدان المرتفعة الدخل وتلك المنخفضة الدخل بشكل كبير. ففي عام 2022، ارتفع متوسط الثروة في البلدان المرتفعة الدخل 31 مرة أكثر من البلدان المنخفضة الدخل في المنطقة العربية.
تركّز الثروة
وتسلّط الدراسة الضوء أيضًا على زيادة تركّز الثروة داخل البلدان. ففي البلدان المنخفضة الدخل، زادت حصة أغنى 10% من السكان من 55% في عام 2000 إلى 64% في عام 2022.
أما في البلدان المتوسطة الدخل، فقد زادت هذه الحصة من حوالي 58% إلى 62%. وعلى العكس من ذلك، شهدت البلدان المرتفعة الدخل انخفاضًا في تركز الثروة بين أعلى 10% من السكان، من 74.7% إلى 69.6%. وفي الوقت نفسه، انخفضت حصة النصف الأفقر من السكان في البلدان العربية المنخفضة الدخل من 10,7% في عام 2000 إلى 7,6% فقط بحلول عام 2022. وتشير هذه الاتجاهات إلى أن الثروة أصبحت تتركز بشكل متزايد بين الأغنياء، وبخاصة في البلدان المنخفضة الدخل، ما يؤدي إلى تفاقم التباين وتقويض جهود الحدّ من الفقر.
تعزيز التوزيع العادل
ولمعالجة هذه التفاوتات المتزايدة، تدعو الدراسة إلى اتباع نهج سياسي شامل ومتعدد الأوجه يهدف إلى تعزيز التوزيع العادل للثروة ودفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل. وتشمل التوصيات الرئيسية توسيع فرص تراكم الثروة لدى الأسر المنخفضة والمتوسطة الدخل من خلال تسهيل الوصول إلى الخدمات المالية ومبادرات تجميع الثروات. ويمكن أن يؤدي فرض الضرائب التصاعدية على الأصول التي تتجاوز حدًا محدّدًا وعلى نقل الثروات الكبيرة إلى توليد الإيرادات لتمويل البرامج التي تدعم الفئات المحرومة.
كما تدعو الدراسة، التي تؤكد على ضرورة التعاون الإقليمي، إلى تنسيق السياسات الضريبية وتحسين الشفافية من خلال الإبلاغ الإلزامي عن الثروة.
وأكّد أبو إسماعيل أن “معالجة التفاوت في الثروة ليست مجرد ضرورة أخلاقية فحسب، بل أنها مفتاح للتعافي الاقتصادي والنمو المستدام في المنطقة العربية”. وأضاف: “نحن بحاجة إلى جهود منسقة لتنفيذ هذه السياسات، وبخاصة في البلدان المنخفضة الدخل والمتأثرة بالصراعات”.
ويؤكد التقرير أن تحقيق التعافي الاقتصادي والنمو الشامل، وبخاصة في البلدان المنخفضة الدخل، يشكل الأولوية الإقليمية القصوى. وهذا يتطلب إحلال السلام الدائم، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة للاستقرار الاقتصادي والسياسي، وتعزيز الحوكمة.