"\n"
مقالات

أسئلة الأردن الصعبة

فهد الخيطان

يبدو أننا في الأردن نقترب من وضع إقليمي مشابه لما كان عليه الحال قبل أكثر من عقد من الزمن. اضطراب وفوضى وحالة من عدم اليقين، تحمل معها تحديات استثنائية تضعنا من جديد في حالة من الاستنفار السياسي والأمني والانتقال إلى مستوى إدارة الأزمة.

الحالة الفلسطينية تمثل التحدي الأكبر. اليمين المتطرف في إسرائيل يمضي بسياسة الضم في الضفة الغربية ولو بدون إعلان رسمي، ويستعد لاستئناف العدوان على غزة بقوة أشد، مصحوبا بإجراءات عقاب جماعي لا إنسانية كقطع الكهرباء والماء عن سكان القطاع.

الإدارة الأميركية تتماهى في مواقفها مع رغبات إسرائيل، إلى حد غير مسبوق. وحتى الآن لم يتمكن الجانب العربي من إحداث اختراق نوعي في دائرة الحكم في البيت الأبيض، تسمح ولو بقدر ضئيل في الحد من ولائها المطلق لحكومة اليمين في إسرائيل.

لا يمكن للأردن تجاهل التطورات في الضفة الغربية، وهو في حالة تأهب سياسي وكذلك عسكري على الحدود تحسبا من تداعيات غير محسوبة أو مفاجئة.

ربما لا تفكر إسرائيل بخطوات متهورة تجاه الأردن من قبيل دفع الفلسطينيين قسرا إلى حدودنا، لكنها وبدعم أميركي قد تدفع باتجاه الضغط على الأردن للقيام بدور في الضفة الغربية.

إسرائيل تتمدد على حدودنا الشمالية وفي الداخل السوري، بعد أن سيطرت على جبل الشيخ وتمددت نحو الجنوب السوري، وفرضت سيطرتها على الحوض المائي لنهر اليرموك. وفق تقديرات موثوقة الإدارة الأميركية كلفت إسرائيل بتحديد طبيعة السياسة المناسبة تجاه سورية. حكومة نتنياهو وحسب المصادر تبنت رسميا العمل على خيار تقسيم سورية إلى أربع دويلات. وليس مستبعدا أن ما نشهده من عمليات تفجير في مناطق سورية هي من فعل إسرائيل إلى جانب محاولاتها لاستمالة الأقليات وتشجيعها على التمرد على السلطة المركزية الناشئة في دمشق.

إسرائيل على حدودنا الشمالية والغربية تمثل تحديا غير مسبوق يتطلب طرح أسئلة صعبة على طاولة أصحاب القرار والبحث عن إجابات تواجه تداعيات محتملة في المستقبل القريب.

العراق لم ينجُ بعدُ من المخطط الإسرائيلي، وقد يتعرض في وقت قريب لضربات قوية تستهدف المليشيات الشيعية المسلحة. سيكون لمثل هذه الضربات تداعيات خطيرة على استقرار العراق وقدرته على حفظ حالة الاستقرار الهشة.

ما هي تبعات مثل هذا السيناريو على أمن حدودنا الشرقية؟ هذا سؤال آخر على طاولة أصحاب القرار.

لا يقف التهديد الإقليمي عند هذا الحد، ثمة شعور أكيد لدى أطراف عديدة في المنطقة، بأن إسرائيل تستعد لشنّ هجوم كاسح على إيران بدعم أميركي واضح، لتدمير بنية مشروعها النووي.

إيران لن تقف مكتوفة الأيدي، هذا يعني أن أجواءنا قد تكون ساحة معركة جديدة بين الطرفين، وربما تذهب إيران إلى أبعد من ذلك.

نحن أيضا أمام تحدٍ وسؤال صعب يتعلق بشكل علاقتنا المستقبلية مع الإدارة الأميركية، والتي بدون إعادة تعريفها لن نتمكن من مواجهة التحديات. أثبتت زيارة الملك عبدالله الثاني للبيت الأبيض أن تحالفنا مع الولايات المتحدة قائم وثابت، لكن علاقة الإدارة الحالية مع العالم أجمع تمر في حالة اضطراب، وهذا ينسحب علينا أيضا، خاصة من منظور العلاقات الثنائية وبرنامج المساعدات الذي يشكل ركنا أساسيا لنا.

إذا اتفقنا أننا في طور العودة لمربع الأزمة وحالة عدم اليقين في من حولنا، وعلينا أن نتصدى للإجابة على كل هذه الأسئلة، يتعين علينا ونحن نرتب أولوياتنا أن نفكر في واشنطن أولا.

الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى