
في رحاب الوطن الأشم، وتحت سمائه النقية، يحتفي الأردنيون بيوم العلم الأردني؛ هذا الرمز الذي لا يُختزل بقطعة قماش، بل يحمل بين طياته كرامة شعب، وعزّة أمة، وتاريخ وطن حُفر على جدران الكبرياء بالدم والعرق والتضحيات. لا يُرفع العلم الأردني في هذا اليوم وحسب، بل تُرفع معه الهامات فخراً، والقلوب ولاءً، وتُجدد الأرواح عهدها بأن تظل جنوداً لهذا الوطن، سداً منيعاً في وجه كل من تسوّل له نفسه المساس به أو برموزه. إن يوم العلم ليس مجرد مناسبة عابرة في روزنامة الدولة، بل هو موعد متجدد مع الكبرياء، مع الهوية، مع الحكاية التي كتبها الشهداء بدمائهم، والفلاحون بعرقهم، والجنود بسواعدهم، والمعلمون بعقولهم.
في حضرة هذا العلم، تتجلى صورة الأردن كما نعرفها: وطن لا يعرف الانحناء، لا يرضى إلا بالعز شِعاراً، ولا يتسع صدره إلا للمؤمنين به، الساعين لرفعته. فهو لا يرحب بالخونة ولا بالمتخاذلين، ولا يسمح لرايته أن ترفرف فوق من لا يستحقها. فكل لون فيه يحمل رسالة، وكل خيط فيه قصة نضال وصبر وكرامة.
اللون الأحمر هو دم الشهداء الذين ارتقوا على ثرى الأردن الطهور، وارتفعوا إلى السماء وهم يحملون الوطن في صدورهم. والخُضرة فيه هي عرق الفلاحين الذين زرعوا الأرض بالأمل وسقوها بالإيمان. أما السواد، فهو الثبات الراسخ في جذور هذا الشعب، وامتداد لإرث الثورة العربية الكبرى التي قاد لواءها الهاشميون، فكانت منارة حرية ووحدة. والبياض، هو صفاء القلوب الأردنية التي لا تعرف إلا الحب لهذا الوطن، والولاء لرايته، والصدق في الانتماء إليه.
علمنا هو أكثر من رمزية وطنية، إنه سجلٌ خالد لبطولات جنود قاتلوا في القدس واللطرون وباب الواد، وسطروا نصراً خالداً في معركة الكرامة. هو الراية التي بقيت عالية رغم العواصف، هو الشاهد على صبرنا وكبريائنا، هو قسمنا الذي لا يُنكث.
وفي ظل هذه الراية، يقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، القائد الأعلى، حامل لواء المجد، راعي السيادة، وساهرٌ على أمن الأردن واستقراره. ملكٌ ما انحنى إلا لله، وما توانى يوماً في الدفاع عن الثوابت. قالها بوضوح: “الأردن أولًا، فلسطين في القلب، والقدس أمانة في أعناقنا”، ومضى بها فعلاً قبل أن تكون شعاراً. وتحت قيادته الحكيمة، ظلت المؤسسة العسكرية عنواناً للقوة والشرف، والدرع الحامي لكل بيت أردني. واستمرّت العائلة الهاشمية، منذ الشريف الحسين وحتى اليوم، حاملة لرسالة النهضة، مدافعة عن الأمة، وساهرة على مسيرة الوطن، لا تساوم، لا تتراجع، ولا تتخلى.
وفي هذا اليوم الوطني الخالد، نقولها بكل وضوح: من ظنّ أن الأردن ساحة للعبث، فليُعد حساباته. ومن تطاول على رايتنا، أو حاول بث السموم في صفوفنا، فمكانه مزابل التاريخ. فالراية لا تتسع لرموز الجحود، ولا تُرفع فوق رؤوس المتخاذلين.
نُجدد القسم أن نبقى أوفياء لهذا العلم، نحميه بأرواحنا، ونرفعه على كل جدار وقمّة، ونورثه لأبنائنا راية لا تنكسر. فليحفظ الله الأردن، وليبقَ علمه خفاقاً في سماء المجد. وليحفظ جلالة الملك عبدالله الثاني، وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، رمز الحكمة والشموخ والهيبة. ولتظل رايتنا، كما كانت دائماً… عصيّة على الانكسار، عصيّة على العصاة.