
حالة من الصدمة والذهول سادت أوساط الرأي العام في الأردن بعد أن كشفت دائرة المخابرات العامة عن مخطط، هو الأول من نوعه، لإنتاج صواريخ والتحضير لتصنيع طائرات مسيرة، وعمليات تجنيد لحساب تنظيم خارجي.
أكبر عملية استهداف للأمن الوطني الأردني منذ نحو 55 سنة، إذ لم يسبق في تاريخ العمليات الإرهابية والمخططات لتنظيمات خارجية التي تم إحباطها، أن خططت جماعة لإنتاج هذا الكم الكبير من الصواريخ المتفجرة، والتحضير لتصنيع طائرات محملة بالمتفجرات.
الدلالة الأولى لاعترافات المتهمين والفيديوهات التي توثق مواقع التصنيع تشير بوضوح أن الخلايا المتورطة في المخطط لم تكن تحضر لتنفيذ عملية استهداف عابرة، وينتهي الحال، أو تصنيع بضعة صواريخ لتهريبها لخارج البلاد. الثابت تماما أنها بصدد التأسيس لمجمع لتصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة، يشمل عدة مواقع، يشكل قاعدة عسكرية لتنظيم عسكري متكامل، لأن عملية التأسيس والتحضير والتصنيع ترافقت مع تجنيد أعداد غير معروفة. وبوتيرة مدروسة، ومنهجية، تولى فريق عسكري وسياسي خارجي على وضع إستراتيجية متكاملة لها وتوجيه عناصرها في الداخل.
تنظيم لم يتردد المتهمون بذكر اسمه، ومحطات عمله في الخارج، ومن يدين له بالولاء في الداخل الأردني.
الدلالة الثانية للاعترافات تؤكد بوضوح أن ما كان معروفا على نطاق سياسي وإعلامي ضيق بات حقيقة مدعومة بالأدلة أمام الجميع، ومفادها أن أطرافا خارجية معروفة اتخذت قبل سنوات قرارا بفتح الساحة الأردنية للعمليات الأمنية والعسكرية، وضرب حالة الاستقرار لحساب برنامج إقليمي يستهدف توريط دول في المنطقة في حالة فوضى لخدمة أجندة تلك الأطراف ورعاتها.
الدلالة الثالثة، وهي مؤسفة ومؤلمة بحق، أن المتورطين بالمخطط التخريبي جميعهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين التي فقدت ترخيصها الشرعي قبل سنوات، لكنها تعمل بشكل علني، وتعتمد على ما كانت تسميه دائما ذراعها السياسي، حزب جبهة العمل الإسلامي.
لا يمكن لعاقل أن يصدق أن 16 عضوا في تنظيم حديدي كتنظيم الإخوان المسلمين، انخرطوا لسنوات في مخطط كهذا وتواصلوا مع أشخاص في الخارج، وتلقوا أموالا وتدريبا في عدة دول، وأسسوا ورشة تصنيع صواريخ دون علم مسؤوليهم في التنظيم. وبعض هؤلاء في مواقع قيادية، ونشطاء في التنظيم، تحركت ماكينة الجماعة والحزب مطالبة بإطلاق سراحهم حين تم توقيفهم قبل أشهر من طرف الأجهزة الأمنية.
لا يمكن لنشاط تنظيمي بهذا الحجم أن يكون فرديا، وإن كان كذلك حقا، فالجماعة إذن فقدت السيطرة على تنظيمها ولم يعد بالإمكان التنبؤ بسلوك عناصرها وخلاياها مستقبلا، وأصبحت بحق جماعة منحلة تنظيميا، وخطرا على نفسها وعلى الوطن.
الدلالة الرابعة، أن التنظيم الخارجي المتورط في المخطط وفق اعترافات المتهمين، لم يكن صادقا مع الأردن عندما قطع الوعود والعهود بعدم استهداف أمن الأردن وعدم القيام بأي نشاط تنظيمي على أراضيه. لم تكن هذه الوعود كلاما قيل في الغرف المغلقة، بل تصريحات إعلامية وبيانات رسمية لقيادات وازنة في التنظيم، دقت على صدرها بحماية الأردن وأمنه. حتى أن أنصارها في الأردن قالوا أكثر من ذلك عندما صرحوا وكتبوا في بياناتهم أننا دائما إلى جانب الجيش وقوى الأمن في حماية أمن الوطن.
كيف تستقيم مصانع الصواريخ والمسيرات مع هذه الادعاءات يا ترى؟!..
“الغد”