"\n"
مقالات

‏من يستطيع أن يدافع عن «تنظيم مسلح» داخل الأردن؟

حسين الرواشدة

‏من يستطيع، بعد الآن، أن يدافع عن تنظيم مسلح يعمل تحت اي إطار سياسي اردني، سواءً أكان هدفه في الداخل او خارج الحدود؟ اترك الإجابة لضمير كل أردني يؤمن بالأردن وطناً، أفهم وأقدر، تماماً، أي وجهات نظر أخرى تتحدث عن أخطاء في ادائنا السياسي والبرلماني، أو تجاوزات حصلت في مسارنا العام، كما ارفض أي إساءة لأي طرف أو شخص حتى لو كان من المتورطين في العملية بالاصالة أو بالنيابة، لكن ما لا يمكن قبوله هو أن نختلف، تحت أي ذريعة، على ادانة ما حدث بدون مواربة، ورفض من يقف خلفه، ومحاسبة كل من تورط فيه، أفرادا أو تنظيمات، المواقف الرمادية «تُقية « خبيثة، والتعقل المغشوش خدعة، والصمت على الجريمة خيانة للوطن.

‏الصورة، الآن، أصبحت واضحة، تماما، أمام الأردنيين، ولا مجال للنقاش فيها، صدرت عدة بيانات من جهات متعددة لها علاقة بتنظيم الإخوان المسلمين، في الداخل والخارج، تؤكد بما يقطع كل شيء أن «الخلايا الأربعة» التي تم ضبط اعترافات المتورطين فيها عملية كبيرة ومنظمة، هدفها الأول استنساخ تجارب تنظيمات «وحدة الساحات «، ومهمتها فتح جبهة عسكرية على الأراضي الأردنية بحجة دعم المقاومة، الحقيقة التي ندركها من خبرتنا التاريخية مع الفصائل، ومن الوقائع الراهنة، أن الهدف الأساسي تقويض الأمن الوطني الأردني، واحداث حالة فوضى في البلاد، ونقل الصراع من فلسطين إلى الأردن.

‏جماعة الإخوان المسلمين تتحمل، أو هكذا يجب، مسؤولية ما حدث، سياسياً وأخلاقياً أمام الرأي العام، بعض الأطراف داخل الجماعة، وفقا للمعلومات، كانوا على علم مسبق بالاستعدادات لتشكيل» الخلايا الأربعة» وغيرها، تم رصد العديد من التصريحات التي تثبت موافقة أعضاء كبار من الإخوان على ذلك، كما جرى إتلاف الوثائق المتعلقة بالعملية، تشكلت لدى الدولة قناعة تامة أن الجماعة أصبحت مختطفة من قبل قوى خارجية خططت وبدأت التنفيذ لتشكيل فصيل عسكري تابع لحماس في الأردن .

‏أمام هذا التطور الخطير، وجدت الدولة نفسها أمام استحقاق مكاشفة الأردنيين ثم اتخاذ القرارات المناسبة، وهي تدرك ,تماما, حجم الصدمة وحساسية المسألة وتداعياتها، لكن من حق الأردنيين أن يعرفوا ذلك، صحيح صورة الإخوان لدى قطاعات شعبية، لأسباب متعددة، قد لا تتطابق مع هذا «التحول « الذي قدمته الرواية الرسمية، صحيح، أيضا، يشكل الإخوان قوة معتبرة في المجتمع، والدولة حريصة على مشاركتهم في إطار القانون، صحيح، ثالثا، لا أحد يريد أن تنفجر أي أزمة في الداخل الأردني في هذا التوقيت الصعب، لكن الأصح والأهم هو أن مصالح الدولة في الحفاظ على سيادتها وأمنية أولوية لا يمكن التنازل عنها، كما أن تحويل الأردن إلى ساحة صراع مسلح مسألة مرفوضة تحت أي ذريعة أو اعتبار.

‏بيان وزير الداخلية، امس، بكل ما ورد فيه من تفاصيل يشكل اضافة للرواية الأمنية والسياسية، الإجراءات، وفق تقديري، بدأت، ومن المتوقع أن تتلاحق بشكل متدرج ومدروس، اعلان الجماعة منحلة قانونيا، استنادا إلى قرار محكمة التمييز (2020 )، وحظر نشاطاتها، وتجفيف مواردها .. إلخ، سيتم اختبار التزام الجماعة بذلك وسلوكها اتجاهه، وعلى أساس ردودها ستأخذ الإجراءات الرسمية مجالا أوسع للتصرف، من وجهة نظري سيناريوهات التعامل مع الجماعة أولاً، ثم الحزب ثانياً( الآن مطلوب من الحزب إعلان فك ارتباطه بما يسمى جماعة الاخوان)، مفتوحة على كل الخيارات، هذا يعني أن الجماعة كتنظيم انتهت سياسياً، وسيتم تحديد مساحات الحركة لمن كان يحمل أفكارها، في إطار السياق الوطني فقط، ما بعد ذلك ستخضع اي اجراءات أخرى لما تصدره المحكمة، ولما تقرره استحقاقات المرحلة بكل هدوء وعقلانية واتزان .

“الدستور”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى