
لدى الأردن الخبرة اللازمة للتعامل مع الآثار السلبية الناتجة عن الظروف الطارئة وتداعياتها الاقتصادية اقليميا وعالميا، وله في ذلك العديد من التجارب الناجحة بالحد منها من انعكاساتها على الاقتصاد الوطني ومختلف القطاعات كما حدث إبان جائحة كورونا والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة واضطرابات البحر الأحمر وباب المندب والحرب الروسية الأوكرانية ولن تكون آخرها حسبما المعطيات الهجمات العسكرية بين « اسرائيل « وايران.
في كل مرة تأتي الاستجابة للأزمة أو الأحداث المسستجدة بالقدر الذي يمكن الاقتصاد الأردني من استيعاب آثارها ومساعدة القطاعات الاقتصادية على تجاوز سلبياتها من خلال اتخاذ الاجراءات المناسبة بتنسيق وتشاركية ما بين الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص.
قدر الأردن وقوعه وسط اقليم ملتهب مليء بالصراعات التي أساسها الاحتلال الاسرائيلي وهو الأكثر تأثرا وبشكل مباشر بما يجري في المنطقة ما أدى الى ضعف معدلات النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة وتراجعها الى أقل من 2% بعد أن وصلت سابقا الى 6% وكانت مرشحة لتجاوز هذه المعدل مدفوعا بالتحسين الكبير في أداء قطاعات أساسية رافدة للنمو مثل السياحة والاستثمار والصادرات وغيرها.
في ظل الأوضاع الراهنة وتصاعد التوتر في المنطقة والأعمال العسكرية بين الاحتلال وايران فان الاقتصاد الأردني سيواجه صعوبات جديدة وخاصة اذا طال أمد الحرب. يبدو تأثره سلبيا منذ اليوم الأول للهجمات وتحول شركة الكهرباء الوطنية لاستخدام الوقود الثقيل لتوليد الكهرباء والغاء حجوزات سياحية والإغلاق المتكرر للأجواء أمام رحلات الطيران. كما سترتفع درجة المخاطر وعزوف رجال الأعمال والمستثمرين عن الاستفادة من الفرص المتاحة في المنطقة بشكل عام.
الجاهزية العالية لمؤسسات الدولة للتعامل مع هذه الظروف يبعث على الاطمئنان خاصة المخزون الاستراتجيي من السلع والوقود لغايات توليد الكهرباء وغير ذلك وهذا يرتبط بمدد زمنية محددة قابلة للنفاذ. دخول المنطقة في حرب طويلة الأمد مرجح أن ينجم عنها اغلاق للممرات البحرية وارتفاع أجور الشحن البحري واختلال عمل سلاسل التوريد وانقطاعات أو توقف الغاز. ولتفادي أوضاع أصعب يتوجب تعزيز أمن الطاقة من خلال التوسع باستكشافات الغاز والنفط والمعادن المختلفة والطاقة البديلة وزيادة الطاقة الانتاجية من المواد الغذائية محليا وتنويعها حسب احتياجات السوق.
المطلوب خطط استراتيجية تتجاوز ما هو متاح الى ما هو متوقع من تداعيات خطيرة في المنطقة قد تضعنا في دائرة ضيقة يصعب معها الحلول.