"\n"
إقتصاد وإستثماررئيسي

نظام كهربائي مستقر وآمن.. ومخزون استراتيجي من المشتقات النفطية

أردني – اتخذت الجهات المعنية بقطاع الطاقة استعداداتها لمواجهة التداعيات الإقليمية الجارية، في مسعى منها لضمان استمرار تقديم خدمات الكهرباء وتوفير المشتقات النفطية على مدار الساعة، وضمان عدم انقطاعها.

وجاءت الإجراءات المتخذة في إطار استعدادات أجهزة الدولة المختلفة والوقوف على خططها بالتشاركية بين جميع الجهات لمواجهة الظروف السياسية الجارية.

ويأتي ذلك في اطار “أمن الطاقة” الذي أولته الحكومة اهتماما كبيرا خلال السنوات الأخيرة، اذ عملت وزارة الطاقة خلال السنوات الأخيرة على تطوير استراتيجياتها لمواجهة التحديات الطاقة للوصول بالمملكة إلى الحدود الآمنة المتعارف عليها دوليا من حيث مخزونه من المشتقات النفطية وديمومة تزويد المملكة بالتيار الكهربائي.

واتخذت الجهات المعنية في الحكومة الإجراءات اللازمة لضمان استدامة المخزون والتزود بالوقود البديل لمدة 20 يوما، وبشكل مستمر وذلك لغايات تعويض النقص الحاصل في كميات الغاز الطبيعي المستخدمة في توليد الكهرباء في المملكة.

وتعمل جميع الجهات المعنية في المملكة على تقييم الوضع، وأية مستجدات أو ظروف قد تطرأ، سواء على المدى القصير أو الطويل للحفاظ على أمن التزود بالطاقة في المملكة.

وطمأن وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، أن النظام الكهربائي في المملكة مستقر وآمن، بالرغم من توقف إمدادات المملكة من الغاز الطبيعي، الذي يلبي احتياجاتها لتوليد الطاقة الكهربائية، بسبب التصعيد الإقليمي الراهن.

وقال إن الأردن يستورد يوميا نحو 100 مليون قدم مكعب من الغاز من الجانب المصري، لافتا إلى أن الحكومة تتحمل تكاليف إضافية بسبب الأزمة الحالية.

وأوضح أن المملكة تغذي مخزونها من سلاسل التزويد المختلفة من مادة السولار والمشتقات النفطية الأخرى لدعم توليد الكهرباء، مؤكدا أن محطات التوليد قادرة على التحول لاستخدام الوقود البديل بما يضمن كفاءة الشبكة.

وشدد على أن الوزارة تتابع المستجدات الإقليمية، وتعمل بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية لضمان استدامة التزويد الكهربائي لجميع المواطنين ومختلف القطاعات.

وفي هذا الإطار، تابع الدكتور الخرابشة، في مركز المراقبة والطوارئ بهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، أخيرا الجاهزية الفنية وسير العمل الرقابي لضمان استدامة تزويد خدمة التزويد الكهربائي بموثوقية وكفاءة عالية في مختلف الظروف.

وأكد الخرابشة، أهمية الدور المحوري الذي تضطلع به الهيئة في الرقابة اللحظية على القطاع ومتابعة أداء الشبكة الكهربائية، مشيرا إلى أن هذا النموذج المؤسسي في المتابعة يعكس مستوى عاليا من التنسيق والتكامل الفعال بين الوزارة والهيئة وجميع الجهات المعنية في القطاع، ويعزز قدرة المنظومة الوطنية على الاستجابة الفورية لأي مستجدات دون تأثير على الخدمة.

وفي سياق تنسيق الجهود الوطنية، اطلع الوزير خلال زيارة تفقدية لمركز المراقبة والتحكم التابع لشركة الكهرباء الوطنية على مستوى الجاهزية الفنية والتشغيلية للنظام الكهربائي وآليات المتابعة الفنية المستمرة.

وياتي ذلك تأكيدا على استمرارية المتابعة الميدانية لمؤشرات أداء الشبكة في مختلف مناطق المملكة، عبر نهج مؤسسي يعكس تكامل الأدوار، والحرص المشترك على مواصلة تعزيز كفاءة منظومة الطاقة وحماية مصالح المواطنين، في ظل متابعة مسؤولة وميدانية لأداء هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي.

بدورها، أعلنت شركة الكهرباء الوطنية عن تفعيل خطة الطوارئ المعتمدة مسبقا، والتي شملت وقفا مؤقتا لإمدادات الغاز عن المصانع المتصلة بشبكة الغاز الرئيسية، وذلك في ظل التصعيد الإقليمي الراهن وما ترتب عليه من تراجع في إمدادات الغاز الطبيعي.

وقالت الشركة، إن هذا الإجراء يأتي كخطوة احترازية ضمن تنفيذ أولويات توزيع الغاز المحددة في خطة الطوارئ،مؤكدة أن هذا الإجراء مؤقت، وسيعاد تقييمه مع تحسن الأوضاع الإقليمية واستقرار تدفقات الغاز.

وأوضح رئيس مجلس مفوضي الهيئة المهندس زياد السعايدة، أن الهيئة تعمل من خلال مركز المراقبة والطوارئ ضمن خطط رقابية محكمة ومتكاملة تستند إلى مؤشرات أداء دقيقة ومعايير واضحة، مشيرا إلى أن المركز يشكل داعما فنيا رئيسيا لمتابعة أداء قطاع الطاقة على مدار الساعة، والاستجابة الفورية، وحماية استقرار التزويد الكهربائي في مختلف الظروف.

وفي القطاع النفطي، تعمل الشركة اللوجستية الأردنية للمرافق النفطية “جوتك” على تأمين السعات التخزينية اللازمة للاحتفاظ بمخزون استراتيجي للمملكة من المشتقات النفطية وتعزيز هذا المخزون، حيث تبلغ السعة الإجمالية لهذه المرافق 312 ألف طن.

واستطاعت الشركة منذ إنشائها عام 2015 كشركة حكومية، من تحقيق أمن التزود بالطاقة بالاعتماد على مرافقها في العقبة ووسط المملكة (الماضونة) والتي تكفي لاستهلاك المملكة من المشتقات النفطية والغاز البترولي المسال لمدة تصل إلى شهرين، وفقا لنوع المادة المخزنة، حيث ارتفعت نسبة السعات المحجوزة في مرافق العقبة النفطية إلى 89.2 بالمئة من إجمالي سعاتها بعد استقطاب شركة جوبترول كعميل جديد بحسب التقرير السنوي الأخير للشركة 2023.

بدوره أكد الرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول الأردنية، المهندس حسن الحياري، أن الشركة تعمل وفق خطة تنفيذية منبثقة عن استراتيجيتها الشاملة لضمان أمن التزود بالمشتقات النفطية ومواجهة جميع الاحتمالات.

وأشار إلى أن هذه الخطة تضمن استمرارية العمليات التشغيلية بكفاءة عالية في جميع مرافق الشركة، بما يعزز دور المصفاة كمكون أساسي في منظومة الطاقة الوطنية.

وأوضح أن الخطة التنفيذية تتضمن تنظيم آليات العمل في مصفاة الزرقاء ومرافق الشركة في العقبة، بما يضمن الجاهزية الكاملة لتزويد السوق المحلي دون انقطاع، حتى في الظروف الاستثنائية.

وأكد أن المصفاة تحتفظ بمخزون تشغيلي كاف في موقعها في الزرقاء، إضافة إلى الكميات المخزنة لدى محطات الشركات التسويقية، ويتم تحديث هذه الكميات بشكل يومي لضمان تدفق آمن ومستقر للمشتقات النفطية إلى مختلف مناطق المملكة.

وبين الحياري، أن الشركة تدير كميات استراتيجية من البنزين بصنفيه، والديزل، والكاز، ووقود الطائرات، والغاز البترولي المسال، وزيت الوقود، والإسفلت، ويتم الاحتفاظ بها في مرافق الشركة في العقبة وخزانات المصفاة، ولا يستخدم هذا المخزون إلا عند الحاجة القصوى، ما يجعله داعما حيويا لاستقرار الطاقة في المملكة.

وشدد على أن المصفاة تضع في مقدمة أولوياتها خدمة الاقتصاد الوطني، وتحرص على تلبية الطلب المحلي بكل موثوقية، انطلاقا من سجل طويل من الإنجازات والالتزام، مؤكدا أن الخطة التنفيذية الحالية تعكس جاهزية عالية واستعدادا كاملا لضمان تزويد مستقر وآمن يلبي احتياجات السوق المحلي في جميع الظروف.

واعتمدت استراتيجيات الوزارة على نهج شمولي ومتكامل لتحقيق أمن الطاقة من خلال التحول نحو مصادر أكثر استدامة، وزيادة كفاءة الطاقة، وزيادة مساهمة الطاقة المحلية في خليط الطاقة الكلي، لا سيما الطاقة الخضراء بالاعتماد على توافر مصادر الطاقة المتجددة وتعزيز المخزون الاستراتيجي من المحروقات.

ووفقا لوزارة الطاقة، فقد وصلت نسبة مساهمة الطاقة المتجددة من توليد الكهرباء إلى 27 بالمئة، ويطمح الأردن للوصول إلى نسبة مساهمة تصل لـ 50 بالمئة من طاقته الكهربائية المولدة من مصادر الطاقة المتجددة عام 2030.

وفي تصريحات سابقة للوزير الخرابشة، أكد أن سياسة تنويع مصادر التزود بالغاز الطبيعي واتفاقيات تزويد الغاز الطبيعي طويلة الأمد، شكلت حماية لشركة الكهرباء الوطنية من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال عالميا.

وبهذا الخصوص يؤكد خبير الطاقة هاشم عقل، أن وضع المملكة آمن من حيث توفر مخزون استراتيجي من المشتقات النفطية يكفي لفترات طولية.

وقال إن الأزمات تخلق الفرص، داعيا الى توجيه الأنظار نحو مشاريع استراتيجية لتعزيز استقلالية المملكة في هذا القطاع الحيوي، على رأسها مشاريع الطاقة المتجددة، التي باتت تساهم بما نسبته 30–38 بالمئة من إجمالي إنتاج الكهرباء، وستصل إلى 55 بالمئة عام 2030، إضافة إلى وجود احتياطيات هائلة من الزيت الصخري والتوجه نحو استغلالها في مشاريع جديدة لتوليد الكهرباء، وتوسيع البنية التحتية وحفر المزيد من الآبار لزيادة الإنتاج في حقل الريشة للوصول إلى الإكتفاء الذاتي كما هو مخطط في عام 2030، منوها إلى توقيع العديد من الاتفاقيات مع شركات متخصصة في قطاع البترول لحفر المزيد من الآبار في مناطق عديدة.

وأضاف” وفي ظل هذه التطورات، تبدو الحكومة مصممة على تسريع وتيرة العمل على مشاريع الطاقة البديلة، ليس فقط كخيار اقتصادي، بل كضرورة أمنية وطنية، مشيرا إلى أن الأزمات هي فرص حقيقية لإيجاد الحلول المناسبة وذات مردود اقتصادي ولدينا فرصة لإعادة النظر في البدائل والسير في مشاريع استثمارية محلية تسهم في الاعتماد على المنتج المحلي كمصدر أساسي للطاقة.

وأكد عقل، أن الأردن تقدم خطوة عملاقة على طريق إنهاء استيراد الطاقة، عبر تدشين محطة “بينونة” للطاقة الشمسية والتي تعد أكبر مشروع من نوعه في المملكة، وهذا ما يؤكد توجه الأردن إلى الطاقة المتجددة.

وأضاف أن الخيارات مفتوحة أمام الأردن في التحول الى الطاقة المتجددة، منوها إلى الأردن من الدول المتقدمة في الطاقة المتجددة فهو الأول عربيا والثالث عالميا، بالإضافة الى التوسع في استغلال الزيت الصخري الذي يتوفر باحتياطيات هائلة وهو من الحلول الدائمة.

كما أكد أن الاعتماد على ما هو متوفر من المصادر المحلية يغنينا عن الاستيراد الذي يخفض تكلفة الطاقة على الحكومة والمواطن.

وجاء في التقرير السنوي لشركة الكهرباء الوطنية 2024، أن الشركة خطت خطوات مهمة نحو تعزيز منظومة أمن الطاقة الكهربائية في الأردن، من خلال تنويع مصادر الطاقة ورفد إسهامات المصادر المحلية وحصة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي.

وتتفق خطوات الشركة مع الأهداف الاسترتيجية للخطة الوطنية لقطاع الطاقة 2020-2030 والتي تهدف إلى رفع نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة من 27 بالمئة العام الحالي إلى 31 بالمئة من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة بحلول 2030.

وبلغت نسبة توافرية شبكة النقل الوطنية 99.92 بالمئة خلال العام الماضي، بحسب التقرير السنوي لشركة الكهرباء الوطنية الصادر 2024، فيما بلغت الاستطاعة التوليدية للنظام الكهربائي (طاقة تقليدية 4443 ميجاواط، وطاقة متجددة 1617 ميجاواط).

وبحسب تقرير سابق لوزارة الطاقة، فقد حقق الأردن المرتبة الأولى في نسبة الاستطاعة المركبة لمصادر الطاقة المتجددة، بدون احتساب الطاقة الهيدرومائية، حيث احتل هذه المرتبة وفقا لتقرير المؤشر العربي لطاقة المستقبل AFEX للعام الماضي، والذي يعده المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE).

وفيما يخص الغاز الطبيعي أكدت وزارة الطاقة والثروة المعدنية، أن استراتيجيتها الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2020-2030، تضمنت تنويع مصادر الطاقة من خلال الاستمرار في تغطية احتياجات المملكة من الغاز الطبيعي من المصادر المتاحة حاليا والتي تغطي احتياجات المملكة لغاية 2030، وهي (الغاز المصري، الغاز المورد من البحر الأبيض المتوسط، الغاز الطبيعي المسال، حقل الريشة الغازي).

وأشار تقرير شركة الكهرباء الوطنية إلى أن الشركة واصلت جهودها لاستكمال متطلبات تنفيذ مشروع تخزين الطاقة الكهربائية باستخدام مياه السدود قرب سد وادي الموجب باستطاعة 450 ميجا واط لمدة 7 ساعات تخزين، بما يعادل 3150 (م.و.س) في الدورة الواحدة، على أن يتم تنفيذه بحلول 2030.

ولتعزيز أمن الطاقة وتوفير مصادر بديلة للتزود بالطاقة، قامت الشركة بتوقيع عقد مع شركة (بي دبليو للغاز الطبيعي المسال) لاستئجار باخرة التخزين العائمة في العقبة، مدته 10 سنوات ينتهي بالتملك، وذلك لتلبية احتياجات المملكة من الغاز الطبيعي الى جانب المصادر الأخرى المتاحة حاليا، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل الباخرة خلال النصف الثاني من عام 2026.

–(بترا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى