
النفقات الرأسمالية تُعد إحدى محرّكات النمو الاقتصادي وتنشيط مختلف القطاعات وتوفير فرص العمل والارتقاء بمستوى الخدمات من خلال تنفيذ مشاريع تنموية وبُنى تحتية، وتتحدد الآثار الإيجابية بحجم الإنفاق الرأسمالي.
في الموازنة العامة للدولة، يتوقف رصد مخصصات النفقات الرأسمالية على عدة عوامل، أهمها حجم الإنفاق الجاري الذي يستحوذ على غالبية الإيرادات، نظراً لارتفاع فاتورة رواتب العاملين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، وخدمة الدين العام من أقساط وفوائد، والحماية الاجتماعية، ودعم السلع، وغيرها.
كما تؤثر العوامل الطارئة على حجم تلك النفقات، لجهة تحويل مخصصات مالية للإنفاق على متطلبات مستجدّة، للحد من تداعيات الظروف الإقليمية والعوامل الجيوسياسية العالمية على الاقتصاد الوطني، كما حدث إبان جائحة كورونا وتداعياتها، حيث اضطرت الحكومة إلى زيادة بنود الإنفاق على الرعاية الصحية، ودعم القطاعات الاقتصادية، وتوفير القَدْر الممكن من السيولة المحلية، وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وكذلك الانعكاسات السلبية لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والعديد من البلدان العربية.
وفقاً لبيانات الموازنة العامة، فقد ارتفعت النفقات الرأسمالية في الأردن خلال العام الحالي 2025 إلى 1.469 مليون دينار، بزيادة مقدارها 209 ملايين دينار، أو ما نسبته 16.5 ٪ عن مستواها المُعاد تصديره لعام 2024. شكّلت مخصصات مشاريع الوزارات والدوائر الحكومية نحو 44.5 ٪ من إجمالي النفقات الرأسمالية، في حين شكّلت مشاريع التنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللامركزية 22 ٪، ومشاريع الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة 17 ٪، ومخصصات مشاريع التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام حوالي 17 ٪ من هذه النفقات.
العام المقبل، واستناداً إلى الأرقام التأشيرية للموازنة العامة، يُقدَّر أن تبلغ هذه النفقات حوالي 1563.2 مليون دينار.
توصيات المنتدى الاقتصادي الأردني بزيادة نسبة النفقات الرأسمالية تدريجياً لتصل إلى 6 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030 مهمة كهدف استراتيجي لتحريك الوضع الاقتصادي وتشغيل العديد من القطاعات، على أن تكون هنالك آليات تضمن تسريع عمليات الإنفاق وتنفيذ المشاريع ضمن سلّم الأولويات التنموية، بدون أن يتم ترحيلها إلى أعوام لاحقة، ما ينعكس سلباً على بيئة الأعمال في المملكة وتراجع فرص العمل المطلوب استحداثها في مواجهة البطالة التي ما تزال على ارتفاع، رغم الجهود المبذولة لاحتوائها.
السبيل الناجع لزيادة حجم الإنفاق الرأسمالي خلال السنوات المقبلة والمحافظة على مستوياته يُسنَد بالدرجة الأولى إلى استقطاب الاستثمارات في مختلف القطاعات، ما يعزز الإيرادات المحلية ويُحدث الاستقرار المطلوب في مجالات الإنفاق، مع أهمية الاستمرار بجهود ضبط الإنفاق الجاري بالقدر الممكن، ذلك أن بعض البنود لا يمكن المساس بها، كالرواتب وشبكة الأمان الاجتماعي.
“الدستور”