"\n"
مقالات

كلام عن أرض الدولة

ماهر ابو طير

في عهد حكومات سابقة قررت تلك الحكومات توزيع أرض على الأردنيين، ولاعتبارات مختلفة تم التراجع عن ذلك التوجه.

تبلغ المساحة الإجمالية للأردن حوالي 89,342 كيلومترا مربعا، وأغلب الارض ملكية للدولة، وإذا ذهبت الى مناطق كثيرة كالبوادي الثلاث، أو الطريق إلى الجنوب، او حتى مناطق شرق الأردن، لوجدت مساحات هائلة فارغة من كل شيء، لا بنيان ولا شجر ولا بشر، وبعض الارض رملية، وبعضها الآخر زراعي وخصب.

لا بد من اعادة النظر في قصة الارض، وابتكار مبادرة كبرى لتوزيع قطع ارض للمواطنين، للسكن او الزراعة، وانشاء شركة لتطوير هذه القطع من حيث الخدمات، ويمكن هنا ابتكار مبادرة لمنح قطع كبيرة للناس، بدلا من الصغيرة، وايجاد طريقة لمساهمة المواطن بطريقة معقولة ماليا وغير منهكة، بما يضمن ايصال الخدمات على الاقل، والبحث عن حلول للأرض الزراعية في ظل ازمة المياه، والمشاكل التي تواجهها الزراعة في الأردن.

إذا كانت الدولة تقول أن لا مال لديها من أجل تعيين موظفين، ولا ما لديها لزيادة الرواتب، ولا قدرة لديها على خفض الرسوم والضرائب فإن هناك حلولا تلطيفية كثيرة، لكنها بحاجة الى قرار ونية وابتكار معا، وربما يمكن على الاقل تخفيف الضغط على القطاع الخاص ليعمل ويتطور، وايضا ترقية الخدمات الحكومية بدلا من الشقاء للحصول عليها، وصولا الى اطلاق مبادرات لتوزيع الارض بما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية خصوصا خارج المدن.

المشكلة التي لا يجاهر بها احد ان الاستجابات في هذا الاطار تأتي منقوصة، وقد يأتي احدهم ويقترح منح كل مواطن نصف دونم للسكن في منطقة معزولة بلا خدمات، وهذه مبادرة لا تنجح اصلا، لان الاساس هو منح ارض كافية، في سياق خطة للتطوير العقاري، وضمان توسع كل مدن المملكة نحو جوارها، وهذا ربما افضل من بناء مدن جديدة تكلف عشرات المليارات، وتمثل ايضا مكافأة اجتماعية للأردنيين حين يكون لكل واحد قطع ارض سكنية او زراعية، يرتبط بها ضمن برنامج، يتجنب مجرد تسجيلها باسمه وتركها معزولة في الهواء الطلق دون خطة محددة لإعمارها.

الجانب الآخر الذي قد لا يتحدث به البعض علنا، يرتبط بسؤال حول من يستحق الارض وعلى اي اساس، وبمن تبدأ الدولة، وهذه اشكالات تحمل في باطنها الرغبة بعرقلة كل القصة، لأن الحلول متاحة من خلال البدء على الاقل بخمسة مناطق خصوصا تلك المجاورة للمدن، او الفارغة والتي لا بد من تنميتها.

نحن بحاجة حقا الى احزمة وكتل سكانية جديدة خصوصا في مناطق جنوب الأردن، في وجه مشاريع تمدد اسرائيلية تطمع بالأرض، وبالموارد، والثروات، وهذا يعني ان القصة ليست مجرد نقل ملكيات، بل تنمية من جهة، ودعم للأردنيين من جهة ثانية، وقراءة مسبقة بخصوص تحديات الاقليم والمطامع في هذا البلد.
في جلسات مغلقة مع مسؤولين كبار كانوا في مواقعهم، قدموا شرحا وافيا عن هذه القصة، واين برزت العراقيل، ولماذا حدثت تراجعات، لكن لكل مشكلة هناك حلول اذا

توفرت النية، خصوصا، اذا تم تطبيق معايير العدالة من جهة، ووجود قطاع تفصيلية لأعمار هذه المناطق، بدلا من الحل السهل اي امنح الأردني ارضا واتركه ليتدبر نفسه وسط الرمال، وهذا افشال للتنمية في الاساس.

الغد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى