"\n"
رئيسيمحليات

وزيرة التنمية: التحديات لم تمنع الأردن من المضيّ بثقةٍ في التحديث الشامل

أردني – ‏قالت وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى، إن اجتماع القمة العالمية للتنمية الاجتماعية يأتي في مرحلةٍ فارقة، للتأكيد على أنَّ التَّعاون الوثيق بين الدول باتَ مسؤوليةً مشتركةً، تجمعنا مظلة الأمم المتحدة ومبادئُها الإنسانيَّة السَّامية، وعلى قاعدة أن جميع الجهود والأهداف أساسها تنموي يستهدف الإنسان والنهوض بواقعه، وأنَّه لا يمكن لأيِّ مجتمع أو دولة أن تعيش بمعزلٍ عن محيطها العالمي.

‏وأضافت بني مصطفى خلال إلقائها كلمة الأردن في القمة العالمية للتنمية الاجتماعية، في العاصمة القطرية الدوحة، أنه عندما اجتمعتْ دولُنا في كوبنهاغن قبل ثلاثين عاماً، وضعنا أهدافاً لتحقيق التَّنمية الاجتماعيَّة، واتَّفقنا على “وضع الإنسان في قلب التَّنمية”.. وبالنَّظر إلى ما تحقَّق اليوم، نجد أنَّ التحدِّيات والصِّراعات التي مرَّ بها العالم طوال العقود الماضية، ومنطقة الشَّرق الأوسط تحديداً، جعلتنا أكثر حاجةً لبذل أقصى الجهود من أجل تحقيق تلك الأهداف دون تردد.

‏وأشارت إلى أن الأردن واجه خلال العقود الماضية تداعيات كبرى؛ جرَّاء أزمات المنطقة وصراعاتها التي أثَّرت في التنمية والتطوير؛ فقد تحمَّل نيابة عن المجتمع الدَّولي أعباء اللُّجوء جرَّاء ويلات الصِّراعات والحروب، وعامل اللاجئين بما يليق بصورته ومكانته، وقاسمهم الموارد المائيَّة والصحيَّة والتعليميَّة وفرص العمل، وتحمَّل نتائج اضطرابات المنطقة، ومع ذلك واصل إحراز تقدُّم في مسارات التَّنمية، مقدِّماً للعالم نموذجاً في التضامن الحقيقي؛ إيماناً منه بأن الكرامة الإنسانيَّة لا تُجزّأ، وأن قيم الرَّحمة والتَّكافل هي أساس الاستقرار والتقدُّم.

‏وذكرت أن هذه التحديات لم تمنع الأردنَّ من المضيّ بثقةٍ في مشروعه الوطني للتحديث الشامل، الذي يضع الإنسان الأردني في مقدِّمة هذه الجهود، ويكرِّس قيم العدالة والمشاركة، ويركِّزُ على تمكين الشَّباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة.

‏كما قالت، إن الدستور الأردني رسّخ هذه الحقوق، وجعلها التزاماً وطنيَّاً يترجمه العمل على أرض الواقع في التَّمكين والمشاركة في صنع القرار، إلى جانب الالتزام بجهود تعزيز التَّنمية الاقتصادية واستراتيجيَّة الدَّولة في الحماية الاجتماعية، التي تركِّز على توسيع مظلَّة الحماية، وتمكين الفئات الأكثر احتياجاً، والعمل على نقلها من دائرة الاعتماد على المساعدة إلى مفهوم الإنتاج والاعتماد على الذَّات.

وبينت أن الأردن قطع شوطاً في تطبيق التَّعليم الدَّامج، وتأسَّست لهذه الغاية الأكاديميَّة الملكيَّة للتَّعليم الدَّامج، وهي الأولى من نوعها لإحداث تحوُّل جذري في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي إحدى نتائج القمَّة العالميَّة الثَّالثة لذوي الإعاقة التي نظمها الأردنّ بجهد مشترك مع جمهوريَّة ألمانيا الاتِّحاديَّة قبل نحو ستَّة شهور.

‏وأكدت كذلك أن الأردن يبذل جهوداً كبيرةً في سياق تسخير التكنولوجيا الحديثة في خدمة الإنسان وتطوير المجتمعات، وقد تشكَّل لهذه الغاية “مجلس تكنولوجيا المستقبل” بتوجيه من جلالة الملك عبدالله الثاني، ويحظى بإشراف سموِّ وليِّ العهد؛ ولتسهم التكنولوجيا في التَّنمية وتطوير التَّعليم والصحَّة ودعم الابتكار، وتوفير الخدمات للجميع بعدالةٍ ومساواة.

‏وأكدت أنَّ التنمية لا يمكن أن تتحقق في بيئةٍ يسودها الظلم أو الاحتلال؛ فما يشهده الشَّعب الفلسطيني الشَّقيق في قطاع غزَّة من مأساة إنسانيَّة غير مسبوقة.

‏وشددت على أنه آن الأوان لأن يتحمَّل المجتمع الدَّولي مسؤوليَّاته القانونيَّة والأخلاقيَّة، وأن يتحرَّك بشكل فاعل لتثبيت وقف إطلاق النَّار، وإدخال المساعدات الإنسانيَّة بشكلٍ فوري ودائم، وإطلاق مسارٍ سياسيٍ جادٍ يفضي إلى سلامٍ عادلٍ وشاملٍ على أساس حلّ الدولتين، يضمنُ إقامة الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة ذات السِّيادة، وعاصمتها القدس الشَّرقية؛ فاستمرارُ غياب العدالة يُقوّض مصداقيَّة النِّظام الدَّولي بأسره، ويضع مفاهيم التَّنمية وحقوق الإنسان على المحكّ.

‏وأشارت بني مصطفى إلى أنه لا يمكن أن تُبنى تنميةٌ حقيقية على أنقاضِ المعاناة أو تحت وطأة الاحتلال؛ فالعدالةُ والكرامةُ الإنسانيَّةُ هما أساسُ الأمنِ والسَّلام، والتنميةُ المستدامةُ لا تنفصلُ بأيِّ حال عن احترام حقوقِ الإنسان في كلِّ مكان. وأكدت أن الأردن يدعو إلى تعزيز التَّعاون الدَّولي، بما يمكّنُ المجتمعات من مواجهة التحديات الاقتصاديَّة والمناخيَّة، ويمنحها الفرصة لبناءِ مستقبلٍ أكثرَ استقراراً وازدهاراً؛ فعالمُنا اليوم بحاجةٍ إلى شراكاتٍ قائمة على الإنصاف والمسؤوليَّة، ونجاحُ دولةٍ في التنمية هو نجاحٌ لمحيطها وللعالم كله؛ فمصائرنا مترابطة ومشتركة.

وفي ختام الكلمة، رحبت بني مصطفى بمضامين القمَّة ومخرجاتها، وأشارت الى أن الأردن سيستضيف اجتماع مجلس وزراء الشؤون الاجتماعيَّة العرب الشَّهر المقبل، للبناء على نتائج هذه القمَّة ومتابعة التوصيات المنبثقة عنها، مشيرة إلى أن رسالتنا واضحة وهي: الكرامةُ الإنسانيَّةُ فوقَ كلِّ اعتبار، والعدالةُ ليستْ خياراً بل واجباً، والمجتمعُ الدَّولي أمام مسؤوليَّة تاريخيَّة لا تحتملُ التأجيل؛ فلتكنْ هذه القمَّةُ نقطة انطلاقٍ حقيقيَّة نحو عالمٍ تُصان فيه كرامة الإنسان، وتُحتَرَم فيه حقوق الشعوب، وتُبنى فيه التنمية على أساس العدالةِ والسَّلام.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى