
الاستثمار مثل السياحة المشكلة فيهما هي المرجعية والمشكلة فيهما هي تشابك السلطات والمشكلة فيهما هي تعدد وتناقض القوانين في معظم المحطات .
حتى لو كانت القوانين مثالية فإن لم يكن التطبيق فعالا فستبقى النتائج محفوفة بالعراقيل .
والملك إذ يضع النقاط على الحروف ويحث على توخي وحسم موضوع المرجعية في الاستثمار فهو إنما يقصد تعدد وتداخل القوانين والأنظمة وهو إذ يدعو إلى تسهيل الإجراءات فهو يقصد الأذرع التنفيذية والرقابية التي تنفذ هذه القوانين والشيء بالشيء يذكر عندما نتحدث عن السياحة .
ظلت الحكومات المتعاقبة حائرة في شأن قيادة ومرجعية ملف الاستثمار, وظلت الأقدار تتخاطفه فمرة وزارة ومرة بلا وزارة, وثالثة لا أسود ولا أبيض..
فعلًا، محير أمر الحكومات فهي لم تستقر بعد على إجابة أو استراتيجية واحدة.. أي شكل لإدارة ملف الاستثمار تريد؟.
هناك توافق وقناعة بأن الأردن بحاجة للاستثمار وهو الطريق الوحيد لرفع معدل النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.. لكنه ظل «كلاما لا يفارق الحناجر» فهذه هي الأقوال لكن في الأفعال شيئا آخر!..
هل هناك قناعة بأن للاستثمار أهمية وخصوصية وأكثر من ذلك جدية وتصميماً لتجاوز المعيقات ؟ أظن أن القناعة متوفرة فما من مسؤول إلا ويردد هذه العناوين، لكن مع ذلك يجب أن تتوفر الإرادة وقبل ذلك الحسم .
لا يجب أن تتغول المؤسسات على المستثمر وهذا كلام لرئيس الوزراء الذي أكمل الشطر الثاني من المعادلة.. ولا يحق للمستثمر ايضا أن يتجاوز القوانين وان يحصل على ما يريد بالضغط او بطرق ملتوية .
حل ذلك بالقانون لكن الأهم هو آليات التنفيذ التي يجب أن تكون واضحة وشفافة لا تقبل اجتهادات شخصية او ذات هوى وان تكون محمية بقضاء قوي وحاسم .
المرجعية مهمة لأنها تحدد لنا الجهة المسؤولة عن هذا الملف صاحبة القرار وصاحبة حق متابعة التنفيذ والتأكد من الشفافية والحوكمة .
هل من المعقول أن ٥٢ وزارة ومؤسسة تحشر أنفها في قرار الاستثمار، وهل من المقبول أن يدار الاستثمار بـ ٤٤ قانوناً وأكثر من ١٨٨٠ نظاماً وتعليمات؟!..
مشاكل ومعيقات الاستثمار باتت معروفة، لكن الحلول هي التي كانت غائبة وهذه الحكومة وضعت يدها على الجرح ولو قيض لها أن تعالجه فسيبرأ !.
ما يحتاج إليه الأردن هو نماذج ناجحة والمستثمر هو أهم مروج للاستثمار ومحفز له عندما يروي قصص نجاحه بدلاً من أن يعدد العراقيل والمآسي التي يتعرض لها من بعض الموظفين ممن يعتقدون أنهم عباقرة!.
حتى أكثر القوانين عصرية لا تفيد إن وجد من يبتكر العراقيل..
“الرأي”



