مفترق طرق.. هل يعبر مانشيني طريق الأشواك مع السعودية؟
أردني – يعيش الإيطالي روبرتو مانشيني، المدير الفني للمنتخب السعودي، فترة صعبة مع “النسور الخضراء”، خاصة بعد الخسارة من اليابان، بنتيجة (0-2) في الجولة الثالثة من التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026.
الخسارة أمام اليابان لم تكن عادية بالنسبة للشارع الرياضي السعودي، خاصة وأن المباراة كانت تلعب على ملعب “الجوهرة المشعة” في جدة، والذي كان بمثابة حصن كبير يصعب اختراقه.
لكن “الساموراي الياباني” استطاع تحقيق الانتصار بأقل مجهود، ليبتعد بصدارة المجموعة الثالثة برصيد 9 نقاط، فيما تجمد رصيد “النسور الخضراء” عند 4 نقاط في المركز الثالث، بالتساوي مع البحرين وأستراليا.
يعتبر مانشيني هو المتسبب الأول في خسارة المنتخب السعودي أمام اليابان، بسبب استمرار سوء الأداء وعدم التنظيم الدفاعي، بالإضافة لغياب الفاعلية الهجومية وتغيير مراكز بعض اللاعبين بشكل غريب.
وارتكب مانشيني كارثة كبرى خلال مواجهة اليابان، متمثلة في تغيير طريقة اللعب بشكل مفاجئ للجميع، بعدما اعتمد على طريقة (3-5-2) منذ توليه القيادة الفنية في أغسطس/آب الماضي.
صحيح أن أسلوب مانشيني لا يتناسب مع لاعبي المنتخب السعودي، أو بمعنى أصح فشل في تطبيقه طوال الفترة الماضية، ولكنه قرر تغيير الطريقة في مباراة بحجم اليابان، يحتاج خلالها لتحقيق الفوز.
مانشيني لعب أغلب فترات الشوط الأول بطريقة (4-3-3)، ونتج عنها خطورة واضحة، ولكن توقيت تغيير الطريقة لم يكن مناسبا، نظرا لأن بعض اللاعبين فشلوا في تطبيق بعض التعليمات بأفضل صورة ممكنة لعدم الاعتياد لها، ليستقبل هدفا مبكرا بعد مرور ربع ساعة.
لكن ما كان يميز رجال مانشيني هو وجود بعض اللاعبين في مراكزهم مثل سالم الدوسري الذي هدد مرمى الخصم في عدة مناسبات باجتهادات فردية واضحة.
وفي الشوط الثاني، عاد مانشيني لطريقته السابقة، وهو ما أدى لغياب الفاعلية تماما وإعطاء الأفضلية للضيوف، بالإضافة لتشتيت أفكار اللاعبين بين طريقتين أمام فريق بحجم اليابان
ورغم أن خطورة الدوسري وعبدالرحمن غريب هي التواجد على الأطراف، إلا أن مانشيني أعادهما للعمق مع دخول فراس البريكان (رأس الحربة) على الطرف، ليبعثر أوراقه وسيطرت العشوائية بشكل واضح على الفريق، قبل أن يستقبل ثاني الأهداف بالدقائق الأخيرة.
سقطة مانشيني
لم يحصل مانشيني على قسط بسيط من الراحة طوال فترة عمله مع المنتخب السعودي، نظرا لأسلوبه الغريب وتعامله السيئ مع اللاعبين، ليواجه حملة انتقادات جماهيرية واسعة بجانب الاغتيالات الإعلامية المستمرة.
وارتفعت الأصوات مرة أخرى للمطالبة برحيله عن مهمة المنتخب السعودي، خاصة بعد تصريحاته الصادمة بعد مباراة اليابان التي أكد خلالها أنه “قام بتغيير طريقة اللعب بناء على وجهة نظر الجماهير والإعلام”.
ويعتبر هذا التصريح بمثابة سقطة كبيرة للمدرب الإيطالي، وذلك لأن المدير الفني هو صاحب القرار الأول، ولا يجب الاستجابة لرغبات البعض، خاصة وأنه سيتحمل النتيجة في نهاية المطاف وهو ما حدث بالفعل وأصبح المتسبب الأول في السقوط.
خبراء كرة القدم أجمعوا على أن مانشيني ليس مقتنعا بطريقة (4-3-3) والدليل هو عودته لأسلوبه السابق (3-5-2) أغلب فترات الشوط الثاني، ولكن دون جدوى، مما يبرهن على سوء عمله وعدم استقراره على الخطة المناسبة لمواجهة اليابان.
مفترق طرق
بعد الانتقادات الحادة التي تعرض لها مانشيني طوال الفترة الماضية والتي وصلت إلى درجة من الغليان بعد صفعة اليابان، فقد خرج ياسر المسحل، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، بتصريح مفاجئ عقب المباراة، أكد خلاله أن “المدرب الإيطالي مستمر في عمله ولن يرحل عن قيادة الأخضر”.
تصريحات المسحل ساهمت في ارتفاع حالة الغضب لدى الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أكدت أن القرار المناسب هو الإطاحة بالمدرب والتعاقد مع مدير فني جديد مثل الفرنسي هيرفي رينارد.
صحيح أن الاتحاد السعودي جدد الثقة في مانشيني، ولكن ذلك لا يعني أنه سيستمر في منصبه، حال التعثر مرة أخرى، في ظل حالة الغضب التي تسيطر على الشارع السعودي منذ تعيينه.
وبالتالي، فإن مواجهة البحرين، المقرر إقامتها غدا الثلاثاء في الجولة الرابعة من التصفيات المونديالية، ستكون بمثابة مفترق طرق في مستقبل مانشيني، حيث أن الفوز سيساهم في تهدئة الشارع الرياضي واستمراره في مهمته.
ولكن التعثر سيتسبب في ثورة جماهيرية وإعلامية جديدة قد تؤدي لاتخاذ القرار الصعب المتمثل في رحيله، مما يضع الاتحاد السعودي في موقف لا يحسد عليه، بسبب ضيق الوقت وصعوبة إقناع مدير فني عالمي لقيادة المهمة في هذه المرحلة.
هذا وبالإضافة إلى أن رحيله سيضع الكثير من علامات الاستفهام على اختيار مانشيني من البداية، فضلا عن الخسائر المالية والفنية الفادحة التي ستضرب “الأخضر” حال التخلص منه.