حرب غزة: “نكبة ثانية” بالنسبة للفلسطينيين
أردني – وسط الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي تسببت بنزوح أكثر من 1.5 مليون فلسطيني، أحيا الفلسطينيون في الضفة الغربية الأربعاء الذكرى الـ76 للنكبة والهجرة القسرية التي أدت إلى طرد أو فرار نحو 760 ألف فلسطيني.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا)، الأربعاء: “بعد مرور 76 عامًا على النكبة، لا يزال الفلسطينيون يتعرضون للتهجير القسري” و”في قطاع غزة، فر 600 ألف شخص من رفح منذ تكثيف العمليات العسكرية، واضطر نحو 1.7 مليون شخص إلى الفرار من منازلهم ومن ملاجئهم؛ بسبب الحرب في غزة، والعديد منهم فروا عدة مرات”.
وفي مدن الضفة الغربية، خرج الآلاف في مسيرات عدة حملوا خلالها العلم الفلسطيني، ولوحوا به إلى جانب الكوفية ومفاتيح العودة التي ترمز إلى منازلهم التي تركوها إبان حرب العام 1948.
بالنسبة لمحمد الفرا من قطاع غزة الذي لجأت عائلته في العام 1948 من يافا فإن: “نكبتنا في العام 2023 ليس بعدها نكبة، هي أصعب كثيرا من نكبة العام 1948”.
ويضيف الفرا (42 عاما) بعد أن اضطر إلى ترك منزله في خان يونس والتوجه إلى منطقة المواصي “صدمة كبيرة، انقلبت حياتنا رأسا على عقب ولا شيء يشبهها”.
ويشبّه الفرا ما حدث مثل: “أن يكون ابنك معتاد على كل وسائل الراحة والرفاهية، وفي ليلة وضحاها فجأة تمنع عنه كل شيء”.
في العام 1948، طرد نحو 760 ألف فلسطيني وفروا من منازلهم في هجرة قسرية خلال الحرب التي رافقت قيام إسرائيل.
وهُجر هؤلاء إلى قطاع غزة والضفة الغربية وعدد من الدول المجاورة.
مسيرات الضفة الغربية
في مدن رام الله (وسط) ونابلس (شمال) والخليل (جنوب) في الضفة الغربية المحتلة رفع المشاركون لافتات تندد بالاحتلال، وتحتج على الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر.
وتقول اللاجئة خديجة أبو عرقوب: “كل يوم نكبة، لم يفكر أحد أن يمحو النكبة الأولى، لكي لا تحدث نكبة أخرى، فما يحدث في غزة نكبات، وليست نكبة واحدة”.
أما منال سرحان (53 عاما) التي شاركت في المسيرة ولديها أقارب في السجون الإسرائيلية لا تعرف عنهم شيئا منذ اندلاع الحرب “هناك ألم، لكن بالطبع الألم أكبر بالنسبة لسكان قطاع غزة”.
وتضيف: “نعيش النكبة مرة ثانية”.
ويأتي إحياء الفلسطينيين لذكرى النكبة غداة إحياء إسرائيل ذكرى قيامها، وبالتزامن مع الحرب في غزة التي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح مئات الآلاف أيضا.
ويشهد قطاع غزة حيث يقطن 2.4 مليون نسمة أزمة إنسانية خطيرة، وتحذر الأمم المتحدة من مجاعة تلوح في الأفق في شماله.
نزح أحمد الأخرس من وسط رفح نحو المواصي أيضا، ويقول، إن الحرب الدائرة لا تشبه أي شيء حصل سابقا.
ويضيف الأخرس (50 عاما) “من خلال معايشتي وحديثي مع من عاش لحظات النكبة … ما يحدث بهذه الحرب من قصف ودمار وتهجير وقتل وإبادة لم نعهده على مر العصور”.
ويرى الأخرس الذي لجأت عائلته إلى قطاع غزة من قرية وادي حنيّن قضاء الرملة أن أحداث النكبة اقتصرت على “التهجير القسري”.
“لسنا أحرارا”
اندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بعدما شنّت حركة حماس عملية طوفان الأقصى التي أسفرت عن مقتل 1170 شخصاً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز خلال الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة أدت إلى استشهاد 35233 شخصا وفق وزارة الصحة التابعة في غزة.
منذ سنوات عدة، تشهد عملية السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين جمودا، وأدت الحرب الحالية إلى موجة عالمية من التضامن مع الفلسطينيين.
شارك أحمد (16 عاما) في مسيرة رام الله ويقول: “نريد الحرية لغزة، نريد أن يتوقف العالم عن النظر إلى الفلسطينيين كإرهابيين، نريد أن يدرك أن لنا حقوقا”.
ويضيف الفتى الذي تسكن عائلته في مخيم قلنديا للاجئين على الطريق بين القدس ورام الله: “لسنا أحرارا في الحركة، الجنود الإسرائيليون يفحصون ويراقبون تحركاتنا دائما، هذه ليست حياة”.
تحتلّ إسرائيل الضفة الغربية حيث يعيش ثلاثة ملايين فلسطيني، منذ العام 1967، ويقطنها نحو 490 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات تعد غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتشهد الضفة الغربية اعتداءات وأعمال عنف إسرائيلية منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقتلت القوات الإسرائيلية ومستوطنون 499 فلسطينيا في الضفة الغربية، وفق وزارة الصحة في رام الله.
وفي الجانب الإسرائيلي ووفقا لجهاز الأمن الدخلي، قتل خلال الفترة ذاتها ما لا يقل عن 11 إسرائيليا في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية.
الأربعاء، استشهد فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي إثر مسيرة إحياء الذكرى الـ76 للنكبة الفلسطينية عندما تجمع المشاركون فيها عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة.
وأكدت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) “استشهاد الطالب في جامعة بيرزيت أيسر محمد صافي (20 عاما) من مخيم الجلزون … إثر إصابته الخطيرة بالرصاص الحي في الرقبة”.
ورصدت مراسلة وكالة فرانس برس جثمان شاب لف رأسه بضمادات ملطخة بالدماء فيما غُطي جسده بملاءة زرقاء خلال نقله خارج مبنى مجمع فلسطين الطبي في رام الله إلى المشرحة وسط تجمهر العشرات.
وهتف الحشد: “الله أكبر” وبكت النسوة المتواجدات أثناء مرور الجثمان؛ فيما تعرضت إحدى الشابات للإغماء.