مقالات

5 نقاط أساسية في الحرب

ماهر أبو طير

هذه الفترة هي الأكثر حساسية في المنطقة، لأن كل الخيارات المتاحة مكلفة، سواء توقفت الحرب في غزة، أو لم تتوقف، وتوسعت الحرب، أو بقيت في حدودها الحالية.
عند الكلام عن لبنان، علينا أن ننتبه جيدا إلى 5 نقاط، أولها أن إسرائيل عانت بشدة خلال حرب غزة، ودفعت ثمنا داخل قطاع غزة، وعلى مستويات جيشها، والذهاب إلى لبنان ليس بهذه البساطة، مما يجعل إسرائيل -حاليا- في مرحلة التهديد فقط دون الذهاب إلى حرب كبرى، للضغط للوصول إلى تسوية مع اللبنانيين، ضمن شروط تريدها إسرائيل.
النقطة الثانية تتعلق بسيناريو الحرب ذاتها، ومن المؤكد هنا أن إسرائيل في حال قررت الذهاب لحرب فهي ستعتمد على مبدأ الضربة الجوية الكبرى المباغتة والصاعقة والممتدة، أي استهداف مئات المواقع للبنانية مرة واحدة، بما في ذلك مواقع في بيروت، بتوقيت متزامن لمنع حزب الله من الرد، هذا على افتراض أن إسرائيل تعرف كل المعلومات الاستخباراتية حول مواقع حزب الله، وقواعده، ومخازنه، وهذه الضربة الجوية الكبرى المباغتة والصاعقة والممتدة يراد منها شل المقاومة اللبنانية ومنع استهداف مئات المواقع الإسرائيلية، وعلى الأغلب أن الهجوم الإسرائيلي البري لن يحدث إلا في المرحلة الثانية، ولن يتم إلا في حال التأكد من التسبب بضرر كبير للبنانيين، ولن تغامر إسرائيل بإدخال جنودها إلى الأرض اللبنانية وهي تعرف عن وجود آلاف المقاومين، وقد تؤجل أصلا كل الهجوم البري إذا ضمنت تحقيق نتائج بالهجوم الجوي الواسع.
اللبنانيون بالمقابل يتحسبون لكل الاحتمالات، خصوصا، الضربة الجوية الكبرى المباغتة والصاعقة والممتدة، وعلى الأغلب اتخذ اللبنانيون إجراءات احترازية لضمان ديمومة قوتهم، خصوصا، في مناطق جنوب لبنان، وقرب الحدود مع فلسطين، فيما المخاوف تكمن في احتمال استعمال إسرائيل لأسلحة تكتيكية مصغرة نووية، أو كيماوية، أو محرمة دوليا.
النقطة الثالثة تتعلق بكون المقاومة الفلسطينية أخفت جزءا من أسلحتها وصواريخها وعتادها إلى مرحلة مرتبطة فقط بأي هجوم إسرائيلي على لبنان، وهذه القوة المخفية في قطاع غزة ستخرج مرة واحدة حال الهجوم الواسع على لبنان، من أجل إرباك الجيش الإسرائيلي، وإضعافه، والتسبب له بكلف كبيرة، عبر فتج جبهتين في توقيت واحدة، واحدة منهما متجددة أي غزة.
النقطة الرابعة تتعلق بخطورة تقييمات طهران لكل المشهد، خصوصا، مع وجود حلفاء لإيران في العراق وسورية واليمن، سيفتحون حدا أعلى من المواجهة مع إسرائيل هذه المرة، بشكل أعلى بما يهدد كل المنطقة المحيطة بكل هذه الدول بتراشقات صاروخية، وعمليات حربية، خصوصا، أن طهران تدرك أن ترك حزب الله وحيدا في المعركة يعني بالنتيجة الاستفراد بها في مرحلة لاحقة، وهذا أمر سيئ جدا بمعايير الإيرانيين، ولن تسمح به، ولا يمكن هنا المقارنة أصلا مع نموذج حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، ومستويات تدخل إيران لصالح لبنان وقتها.
أما النقطة الخامسة وهي الأهم فترتبط بمدى قبول الأميركيين والفرنسيين والأوروبيين توجيه مثل هذه الضربة العسكرية الواسعة الممتدة، ومستويات الرد اللبناني، وما يعنيه ذلك على إسرائيل وكل المنطقة العربية، والإقليم، واحتمال امتداد النيران إلى دول كثيرة، وتأثر الملاحة والنفط، ووجود أطراف دولية ستعمل على توريط المعسكر الغربي في حرب مفتوحة لحسابات دولية على صلة بروسيا والصين، ودول كثيرة تقف في معسكر الضد للنفوذ الأميركي.
حتى اللحظة إسرائيل تهدد وتحرك قواتها بهدف الخلاص من ضغط جنوب لبنان عليها، وهي على الأغلب تسعى عبر قنوات سرية للوصول إلى أي تسوية مع اللبنانيين، وقد تضطر واشنطن نهاية المطاف أن تذهب مباشرة إلى “الأم الحاضنة” في طهران لعقد تسوية أكبر مع كل أعضاء هذا المعسكر، في الوقت الذي يتجنب فيه حزب الله أيضا حربا واسعة مع إسرائيل -حتى الآن- لاعتبارات على صلة بمشاكل لبنان البنيوية، ويفضل أن يبقى ضاغطا على إسرائيل في ملف غزة، حتى تحدث أي إنفراجة تعود فيها كل القوى إلى مواقعها الأساسية.
ويبقى السؤال.. ماذا لو قفزت إسرائيل عن كل هذه الحسابات وذهبت إلى لبنان، بما تعنيه الكلمة من تداعيات على إسرائيل ذاتها، ودول الإقليم، واستقرار المنطقة؟.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى